يعني ما تسيح يمين ولا شمال، فهي تجري في مجرى واحد من غير أخاديد، وهي جارية دائماً لا تنقطع، جارية دائماً لا تنقطع، وإذا نظرنا إلى أمور الدنيا وجدنا الحياة معلقة بالماء، ﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ﴾ [سورة الأنبياء: ٣٠]، وأشقى الناس الذين تقل عندهم المياه وأثرها يبدوا على كل شيء كما قال الله -جل وعلا-، يبدوا على بني آدم وعلى الحيوان، وعلى النبات، وعلى الجو، وعلى كل شيء، فلا يتصور عيش بلا ماء وهناك في الجنة، ﴿وَمَاء مَّسْكُوبٍ﴾ [سورة الواقعة: ٣١]، يجري دائماً، نحن لا نقدر هذه النعمة قدرها، ونهدرها ونتساهل في أمرها، وإذا وقع شيئاً من الاضطراب والإشكال، في هذه النعمة عرفنا قدرها، إذا انقطع الماء أو تعرض للخلل أو عطل عرفنا قدر الماء، إذا جلس الإنسان ينتظر الوايت أسبوع وعشرة أيام لكثرة من يطلبه وبعشرة أضعاف قيمته، عرفنا قيمة الماء، ومادام الإنسان يفتح الصنبور، ويغتسل ويتوضأ فإنه لا يسحب لذلك أدنى حساب، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم- يتوضأ بالمد ويغتسل بالصاع، والواحد منا ما يكفيه الصاع ليذهب الماء البارد ليأتي الحار، قبل الاستعمال، ثم إذا جاء الاستعمال فتح الصنبورعلى أعلى ما يكون ولا يدري أن هذه المياه مكلفة مرهقة بالنسبة للدولة، ومع ذلك جاء النهي عن الإسراف، وكل شيء فضلاً عمما تتوقف عليه الحياة، والحياة في كثير من البلدان مهددة لنضوب المياه وغور المياه، وكثير من المزارع أهملت وتركت كثير من الزروع سيبت، والمواشي لما قلت الأمطار هزلت ومات كثير منها كل هذا بسبب قلة الماء، والماء بين أيدينا ولا نقدره قدره، ولذلك امتن به على أهل الجنة فقال: ﴿وَمَاء مَّسْكُوبٍ﴾ لأن الواحد منا باعتباره لا يعرف قدر هذا الماء، يعرفه في أزمات إذا عطش وليس حوله ماء عرف قدر الماء، عرف قدر الماء، لكن باعتبار أنا لا نقدر هذا الماء قدرها، قد يقول قائل أين النص على الماء، الماء يمتن به، فيه نعم أعظم منه، وأي نعمة أعظم من نعمة الماء، لكن من الذي يقدره قدره حال وجوده عند فقده كل الناس، إذا روى الحاجة الماسة إليه عرفوا قدر الماء، وعرفوا كيف يتصرفون، وكيف يقتصدون، لكن مادام الماء موجوداً فإن


الصفحة التالية
Icon