﴿وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ﴾ [سورة الواقعة: ٣٢]، ﴿وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ﴾ هناك قال: ﴿وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ﴾ [سورة الواقعة: ٢٠] بالنسبة للسابقين وما من صيغ العموم من الذي يتخيرونه، من أي شيء يتخيرونه، وهنا قال: ﴿وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ﴾ لأن الفاكهة في بلادهم قليلة، فقال: ﴿فَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ﴾، ولم يرد ذلك إلى اختيارهم ولو كانوا، إذا كان في الجنة وعموم أهل الجنة إذا أشتهى أحدهم شيئاً كان حصل بين يديه، ((فيها مالا عين رأت ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر)) أي: شيء تتوهموا فإن الأمر فوق ذلك، وفاكهة كثيرة لا مقطوعة في زمن ولا ممنوعة بثمن، لا مقطوعة في زمن لماذا؟ لأن فاكهة الدنيا تأتي في زمن دون زمن، فاكهة الصيف في الصيف، وتنقطع في الشتاء، وفاكهة الشتاء وتنقطع في الصيف، هذا الأصل، لكن قدي يقول قائل إننا نأكل فكهة الصيف في الشتاء، وفاكهة الشتاء في الصيف، فالفاكهة لا تنقطع، يعني: ألا تصور انقطاعها، هذا الآلات التي تحفظ هذه الفواكه ألا يتصور فيها الخراب، فتنقطع الفاكهة تبع لها، المصادر مصادر هذه الفواكه، ألا يتصور أن تعرض لما يتلف هذه الفواكه، الأجواء وما يحدث فيها من تغيرات من برد شديد وحر شديد ألا يتصور أن تنقطع هذه الفاكهة بسببها، البرد القارس الذي مر بالناس في الشتاء الماضي ألم يؤثر في الزروع والثمار؟ رأينا أكثر الأشجار تالفة بسبب شدة البرد، وقل مثل هذا في شدة الحر، فلا يقول قائل: والله عندنا ثلاجات وعندنا حوافظ وعندنا كذا، فاكهتنا لا تنقطع أبداً تنقطع بفساد هذه الحوافظ من جهة، وفساد هذه الزروع من جهة أخرى، كما حصل يعني: جاء في الشتاء الماضي برد شديد جداً يذكر كبار السن أن بعضهم ما أدرك مثله، فلما انجلى هذه البرد رأينا أن الأشجار كثير منها كثير منها رأت في بعض المزارع بنسبة تسعين بالمائة تالف، وانقطاع الماء أمره أشد، ورأيت شيخ كبيراً يرث المزرعة كابر عن كابر عن أبيه وعن جده فيها ما يزيد على ألف نخلة وفي كل سنة يغرق الأسواق بالتمور، رأيناه يبكى عند مزرعته ما أنتجت ولا تمرة واحدة، لأن الماء نبض، وهذا الفاكهة التي قد يقول القائل: إنها ليست مقطوعة، نأكل البرتقال صيف


الصفحة التالية
Icon