ثم قال بعد ذلك في الصنف الثالث: ﴿وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ﴾ [سورة الواقعة: ٤١]، وهم الذين يأخذون كتبهم بشمالهم، ﴿فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ﴾ [سورة الواقعة: ٤٢]، السموم هي: الريح الحارة ومازال هذا اللفظ مستعمل، إذا اشتدت الريح قالوا: سموم، في سموم ريح حارة، من النار تنفث في المسام، سميت سموم لأنها تنفذ في مسام الجلد، وتصل إلى داخله، إذ جاء في الحديث الصحيح: ((إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة، فإن شدة الحر من فيح جنهم، وأشد ما يوجد من الحر فإنه من نفس جنهم وأشد من البرد فهو من زمهريرها))، - نسأل الله السلامة والعافية-، يعني: ناس ويذوقون الحر الشديد والبرد الشديد لكن كما قال الله -جل وعلا-: ﴿هل من مدكر﴾ ترد هذه الأمور إلى ظواهر طبيعة ويدرس وعلى مستوى عالي رؤساء دول يدرسون موضوع الاحتباس الحراري، وأن الحرارة في سنة ألفين وخمسين قد تصل إلى مبلغ لا يطيقه الناس، لكنهم لا يدكرون ولا يعتبرون، وإذا علموا من هذه الدنيا شيئاً فإنما علمهم في الظاهر، ﴿يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ [سورة الروم: ٧]، قد يقول قائل: كيف يعلمون ظاهر وهم عرفوا أسرار واخترعوا مخترعات أشياء قد يحار العقل فيها، نقول: نعم يعلمون ظاهر من الحياة الدنيا، ولا يعرفون حقيقة الحياة الدنيا، لأنهم لو علموا حقيقة الحياة الدنيا لأمنوا، والذي يعرف حقيقة الدنيا هو المسلم العامل المرضي لربه، هذا هو الذي يعلم حقيقة الحياة الدنيا، وإلم يعلم ظاهره، يعني ما يستطيع أن يخترع ولا يدرك كنه بعض المخترعات ولكنه يعرف حقيقة الدنيا، إلا أنه يسلم يحقق الهدف الذي من أجله خلق، وهؤلاء أصحاب المخترعات وأصحاب التقنيات لا يعلمون من الدنيا إلا الظاهر، لأنهم لو علموا حقيقة الحياة الدنيا لأسلموا لقادهم ذلك إلى الإيمان، ولذا قيل قال بعض أهل العلم: أنه لو أوصى من العقلاء أو بأعقل الناس لوقف وقفة وجعل لأعقل الناس صريف إلى العباد، الزهاد، الذين عرفوا حقيقة الدنيا وعزفوا عنها، فلن تستملهم، لكن مع ذلك لا بد من الحصول على ما تقول به هذه الحياة الدنيا، ولذا جاء: ﴿وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا﴾ [سورة القصص: ٧٧]،


الصفحة التالية
Icon