﴿تنزيل من رب العالمين أفبهذا الحديث﴾ القرآن ويطلق عليه أنه حديث بالنسبة للكتب السابقة قديمة، وهذا حديث، وأيضاً حديث بالإطلاق العام وهو ما يتحدث به ويتكلم به، وهو محدث كما جاء في قوله تعالى: ﴿مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مَّن رَّبِّهِم مُّحْدَثٍ﴾ [سورة الأنبياء: ٢] وإن كان كلام الله -جل وعلا- الذي هو صفته قديم، يعني قديم النوع حادث متجدد الآحاد فالله -جل وعلا- تكلم في القدم في الأزل، ويتكلم متى شاء، إذا شاء، بما شاء، ﴿أفبهذا الحديث﴾ مدهنون متهانون مكذبون، ﴿أفبهذا الحديث﴾ يقول المفسر: متهانون مكذبون، والإدهان والمداهنة كلها التنازل، تعني التنازل ﴿ودوا لو تدهنوا﴾ يعني: تتنازل عن شيء مما جئت به فيدهنون يتنازلون أيضاً عما بعض ما يصرون عليه، والمداهنة حرام لماذا؟ لأنها تنازل عما أوجب الله عليك، تنازل عما أوجب الله، هذا مداهنة بخلاف المدارات، المدارات شرعية بينما المداهنات محرمة والفرق بينهما أن المدارات لا يترتب عليها ارتكاب محظور ولا فعل، ارتكاب محظور ولا ترك مأمور، بينما المداهنة لا بد أن يترتب عليها شيء من ذلك، ﴿ودوا لو تدهنوا﴾ والمدارات لا بد منها، النبي -عليه الصلاة والسلام-، لما طرق عليه الباب من طرق قال: ((بئس أخو العشيرة))، لما دخل أجيب له ودخل انبسط معه في الكلام يعني ما عامله معاملة من يستحق هذا اللفظ هذا الذم بئس يعني المدارات ما في شيء لكن الإشكال في المداهنة ﴿ودوا لو تدهن فيدهنون﴾، ﴿أفبهذا الحديث أنتم مدهنون﴾ يقول: متهاونون مكذبون، ﴿وتجعلون رزقكم﴾ من المطر أي الشكر أنكم تكذبون، ﴿وتجعلون رزقكم﴾ الرزق الأصل فيه المطر الذي ينزل من المساء لإحياء الأرض ومن عليها، وبه تقوم حياة كل حي، الرزق هذا هو المطر والمقصود به هنا الشكر لماذا؟ لأنه قوبل بالتكذيب، قوبل بالتكذيب يعني بدلاً من أن تقول مطرنا بفضل الله ورحمته تقول: مطرنا بنو كذا وكذا، يقول أنكم تكذبون بسقيا الله حيث قلتم: مطرنا بنو كذا وكذا، وأصبح النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو بالحديبية إثر سماء يعني: عقب نزول مطر، ((فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: يقول الله -جل وعلا-: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فمن قال: مطرنا


الصفحة التالية
Icon