هذه الشهرة شهر تهم بالمغايَرَة لما أضيف إليه كلمةُ غير من المتصفين بضدَّي الوصفين المذكورين أعني مطلقَ المغضوب عليهم والضالين فاكتسبت بذلك تَعرُّفاً مصححاً لوقوعها صفةً للمعرفة كما في قولك عليك بالحركة غيرِ السكون وُصفوا بذلك تكملةً لما قبله وإيذاناً بأن السلامة مما ابتُلي به أولئك نعمةٌ جليلةٌ في نفسها أي الذين جمعوا بين النعمة المُطلقة التي هي نعمةُ الإيمان ونعمةُ السلامة من الغضب والضلال وقيل المرادُ بالموصول طائفةٌ من المؤمنين لا بأعيانهم فيكون بمعنى النكرة كذي اللام إذا أريد به الجنسُ في ضمن بعضِ الأفراد لا بعينه وهو المسمى بالمعهود الذهني وبالمغضوب عليهم والضالين اليهودُ والنصارى كما ورد في مسند أحمدَ والترمذي فيبقى لفظُ غير على إبهامه نكرة كمثل موصوفِه وأنت خبير بأن جعْلَ الموصول عبارةَ عما ذُكر من طائفةٍ غيرِ معيَّنة مُخلٌّ ببدليةِ ما أضيف إليه مما قبله فإن مدارَها كونُ صراطِ المؤمنين علَماً في الاستقامة مشهوداً له بالاستواء على الوجه الذي تحقَّقْتَه فيما سلف ومن البيِّن أن ذلك من حيثُ إضافتُه وانتسابُه إلى كلهم لا إلى بعضٍ مُبْهَمٍ منهم وبهذا تبين أن لا سبيل إلى جعل غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ بدلاً من الموصول لما عرفتَ من أنَّ شأنَ البدلِ أن يُفيدَ متبوعَهُ مزيدَ تأكيدٍ وتقرير وفضلَ إيضاحٍ وتفسيرٍ ولا ريب في أن قصارى أمرِ مَا نحنُ فيهِ إِنَّ يكتسبَ مما أضيف إليه نوعَ تعرُّفٍ مصحِّحٍ لوقوعه صفةً للموصول وأما استحقاقُ أن يكون مقصوداً بالنسبة مفيداً لما ذُكر من الفوائدِ فكل وقرئ بالنصبِ على الحالِ والعاملُ أنعمتَ أو على المدحِ أو على الاستثناء إنْ فُسّر النعمةُ بما يعمُّ القبيلين والغصب هيجانُ النفس لإرادة الانتقام وعند إسنادِه إلى الله سبحانه يُراد به غايتُه بطريق إطلاقِ اسمِ السبب بالنسبة إلينا على مسببه القريبِ إنْ أريد به إرادةُ الانتقام وعلى مسبّبِهِ البعيدِ إن أريد به نفسُ الانتقام ويجوز حملُ الكلام على التمثيل بأنْ يُشبه الهيئةُ المنتزعةُ من سَخَطه تعالى للعصاة وإرادةُ الانتقام منهم لمعاصيهم بما يُنتَزَعُ من حال الملِك إذا غضِب على الذين عصَوْه وأراد أن ينتقم منهم ويعاقِبَهم وعليهم مرتفِعٌ بالمغضوب قائم مَقامَ فاعلِه والعدولُ عن إسناد الغضب إليه تعالى كالإنعام جرَى على منهاج الآداب التنزيلية في نسبة النعم والخيرات إليه عز وجل دون أضدادها كما في قوله تعالى ﴿الَّذِى خَلَقَنِى فَهُوَ يَهْدِينِ والذى هُوَ يُطْعِمُنِى وَيَسْقِينِ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ﴾ وقوله تعالى ﴿وَأَنَّا لاَ نَدْرِى أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَن فِى الأرض أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رشدا﴾ ولا مزيدةٌ لتأكيد ما أفاده غير من مَعْنَى النَّفي كأنَّه قيلَ لا المغضوبِ عليهم ولا الضالين ولذلك جازانا زيداً غيرُ ضاربٍ جوازَ أنا زيداً لا ضَارِبٌ وإن امتنع أنا زيداً مثلُ ضاربٍ والضلالُ هو العدول عن الصراط السوي وقرئ وغير الضالين وقرئ ولا الضأْلين بالهمزة على لغةِ مَنْ جدَّ في الهربِ من التقاءِ الساكنين
﴿أَمِينٌ﴾ اسم فعلٍ هو استجبْ وعن ابن عباس رضي الله عنهما سألت رسول الله ﷺ عن معنى آمِين فقال افعل بُني على الفتح كأينَ لالتقاء الساكنين وفيه لغتان مدُّ ألفه وقصرُها قال ويرحم الله عبداً قال آمينا وقال أمينَ فزاد الله ما بيننا بعداً عنِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلم لقّنني جبريلُ آمينَ عند فراغي من قراءة فاتحةِ الكتاب وقال إنه كالختم على الكتاب وليست من القرآن وِفاقاً ولكن يسن ختمُ السورة الكريمة بها والمشهورُ عن أبي حنيفةَ رحمَهُ الله أن المصلّيَ يأتي بها مخافتةً وعنه أنه لا يأتي بها الإمامُ لأنه الداعي وعنِ الحسنِ رحمَهُ الله مثلُه وروَى الإخفاءَ عبدُ اللَّه بنُ مغفّل وأنسُ بنُ مالك عنِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلم