١٠ - ١١ آل عمران
وأجيب بأن وعيدَ الفساقِ مشروطٌ بعدم العفو بدلائلَ مفصلةٍ كما هو مشروط بعدم التوبة وِفاقاٌ
﴿إِنَّ الذين كَفَرُواْ﴾ إثرَ ما بين الدينَ الحقَّ والتوحيد وذكر أحوالَ الكتب الناطقةِ به وشرح شأن القرآنِ العظيم وكيفيةِ إيمانِ العلماء الراسخين به شَرَع في بيان حال مَنْ كفر به والمرادُ بالموصول جنسُ الكفرة الشاملُ لجميع الأصناف وقيل وفدُ نجرانَ أو اليهودُ من قريظةَ والنضِير أو مشركو العرب
﴿لَن تُغْنِىَ عَنْهُمْ﴾ أي لن تنفعهم وقرئ بالتذكير وبسكون الياء جِدّاً في استثقال الحركة على حروف اللين
﴿أموالهم﴾ التي يبذُلونها في جلبِ المنافعِ ودفعِ المضارِّ
﴿وَلاَ أولادهم﴾ الذين بهم ينتصرون في الأمور المُهمة وعليهم يعوّلون في الخطوب المُلمة وتأخيرُ الأولاد عن الأموال مع توسيط حرف النفي بينهما إما لعراقة الأولادِ في كشف الكروب أو لأن الأموال أولُ عُدّة يُفزع إليها عند نزول الخطوب
﴿مِنَ الله﴾ من عذابه تعالى
﴿شَيْئاً﴾ أي شيئاً من الإغنياء وقيل كلمة من بمعنى البدل والمعنى بدلَ رحمةِ الله أو بدلَ طاعته كما في قوله تعالى إَنَّ الظن لاَ يُغْنِى مِنَ الحق شَيْئًا أي بدل الحق ومنه قوله ولا ينفع ذا الجَدّ منك الجَدُّ أي لا ينفعه جَدُّه بدلك أي بدلَ رحمتك كما في قوله تعالى وَمَا أموالكم وَلاَ أولادكم بالتى تُقَرّبُكُمْ عِندَنَا زلفى وأنت خبير بأن احتمال سدِّ أموالِهم وأولادهم مسدَّ رحمة الله تعالى أو طاعته مما لا يخطُر ببال أحد حتى يُتصدَّى لنفيه والأولُ الأليقُ بتفظيع حال الكفرة وتهويل أمرهم والأنسبُ بما بعدَهُ من قولِه تعالى
﴿وَأُولَئِكَ هُمْ وَقُودُ النار﴾ ومن قوله تعالى فَأَخَذَهُمُ الله أي أولئك المتّصفون بالكفر حطبُ النار وحصَبُها الذي تُسعّر به فإن أريد بيانُ حالِهم عند التسعير فإيثارُ الجملةِ الاسمية للدِلالة على تحقق الأمر وتقرّره وإلا فهو للإيذان بأن حقيقة حالِهم ذلك وأن أحوالهم الظاهرةَ بمنزلة العدم فَهُمُ حالَ كونهم فِى الدنيا وَقودُ النار بأعيانهم وفيه من الدلالة على كمال ملابستهم بالنار مالا يخفى وهم يحتمل الابتداءَ وأن يكون ضمير الفصل والجملة وإما مستأنفة مقررة لعدم الإغنياء أو معطوفة على خبر إن وأيا ما كان ففيها تعيينٌ للعذاب الذي بيّن أن أموالهم وأولادهم لا تغني عنهم منه شيئا وقرئ وُقود النار بضم الواو وهو مصدر أي أهلُ وقودها
﴿كدأب آل فِرْعَوْنَ﴾ الدأبُ مصدرُ دأَبَ في العمل إذا كدح فيه وتعِب غلب استعمالُه في معنى الشأن والحال والعادة ومحلُّ الكاف الرفعُ على أنه خبر لمبتدأ محذوف وقد جوز لنصب بلن تغني أو بالوَقود أي لن تغني عنهم كما لم تغنِ عن أولئك أو توقد بهم النارُ كما توقد بهم وأنتَ خبيرٌ بأنَّ المذكورَ في تفسير الدأب إنما هو التكذيبُ والأخذ من غير تعرُّض لعدم الإغناء لاسيما على تقدير كونِ مِنْ بمعنى البدل كما هو رأيُ المجوِّز ولا لإيقاد النار فيُحمل على التعليل وهو خلاف