٤ - النساء وخِفةِ مؤنتِهن وعدمِ وجوبِ القسم فيهن وقرئ او من مَلَكَتْ أيمانكم وما في القراءة المشهورةِ للإيذان بقصور رتبتِهن عن رتبة العقلاءِ
﴿ذلك﴾ إشارةٌ إلى اختيار الواحدة والتسرى
﴿أدنى ألا تَعُولُواْ﴾ العَول الميلُ من قولهم عال الميزانُ عَوْلاً إذا مال وعال في الحكم أي جار والمرادُ هنا الميلُ المحظورُ المقابلُ للعدل أي ما ذُكر من اختيار الواحدةِ والتسرّي أقربُ بالنسبةِ إلى ما عداهما من أن لا تميلوا ميلاً محظوراً لانتفائه رأساً بانتفاء محلِّه في الأول وانتفاءِ خطرِه في الثاني بخلاف اختيارِ العددِ في المهائر فإن الميلَ المحظورَ متوقَّعٌ فيه لتحقق المحل والخطر ومن ههنا تبين أن مدارَ الأمرِ هو عدمُ العولِ لا تحققُ العدلِ كما قيل وقد فُسِّر بأن لا يكثُر عيالُكم على أنه من عال الرجلُ عيالَه يعولُهم أي مانَهم فعبر عن كثرة العيال بكثرة المؤنة على طريقة الكناية ويؤيده قراءة أن لاتعيلوا من أعال الرجلُ إذا كثُر عيالُه ووجهُ كونِ التسري مَظِنَّةَ قلةِ العِيالِ مع جواز الاستكثارِ من السراري أنه يجوز العزلُ عنهن بغير رضاهن ولا كذلك المهائرُ والجملةُ مستأنفةٌ جارية مما قبلها مجرى التعليل
﴿وآتوا النساء﴾ أي اللاتي أُمر بنكاحهن
﴿صدقاتهن﴾ جمعُ صَدُقة كسمرة وهي المهر وقرئ بسكون الدالِ على التخفيف وبضم الصادِ وسكونِ الدال جمع صدقة كغرفة وبضمها على التوحيد وهو تثقيلُ صُدْقة كظُلُمة في ظُلْمة
﴿نِحْلَةً﴾ قال ابنُ عبَّاسٍ وقتادةُ وابن جريج وابن زيد فريضةً من الله لأنها مما فرضه الله في النِحْلة أي المِلةِ والشِرْعة والديانةِ فانتصابُها على الحالية من الصَّدُقات أي أعطوهن مهورَهن حالَ كونِها فريضةً منه تعالى وقال الزجاجُ تديُّناً فانتصابُها على أنها مفعولٌ له أي أعطوهن ديانة وشرعة وقال الكلبي نحلةً أي هِبةً وعطيةً من الله تعالى وتفضّلاً منه عليهن فانتصابُه على الحالية منها أيضاً وقيل عطيةً من جهة الأزواجِ من نَحَله كذا إذا أعطاه إياه ووهبَه له عن طِيبةٍ من نفسه نِحْلةً ونُحْلاً والتعبير عن إيتاء المهورِ بالنِّحلة مع كونها واجبةً على الأزواج لإفادة معنى الإيتاءِ عن كمال الرضا وطيبِ الخاطرِ وانتصابُها على المصدرية لأن الإيتاءَ والنحلةَ بمعنى الإعطاءِ كأنه قيل وانحَلوا النساءَ صَدُقاتِهن نِحْلةً أي أعطوهن مهورَهن عن طيبةِ أنفسِكم أو على الحالية من ضمير أَتَوْا أي آتوهن صَدُقاتِهن ناحلين طيِّبي النفوسِ بالإعطاء أو من الصَّدُقات أي منحولةً مُعطاةً عن طيبة الأنفسِ فالخطابُ للأزواج وقيل للأولياء لأنهم كانوا يأخُذون مهورَ بناتِهم وكانوا يقولون هنيئاً لك النافجةُ لِمَن يولدُ له بنتٌ يعنون تأخُذ مَهرَها فتنفج به مالَك أي تعظّمه
﴿فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَىْء مّنْهُ﴾ الضميرُ للصدُقات وتذكيرُه لإجرائه مُجرى ذلك فإنه قد يشار به إلى المتعدد كما في قوله عز وجل قُلْ أَؤُنَبّئُكُمْ بِخَيْرٍ مّن ذلكم بعد ذكر الشهواتِ المعدودةِ وقد رُوي عن رؤية أنه حين قيل له في قوله... فيها خطواط من سوادٍ وبَلَق... كأَنَّهُ فِي الجلدِ تَوْليعُ البهق...
إن أردت الخطوطَ ينبغي أن تقول كأنها وإن أردت السوادَ والبلَقَ ينبغي أن تقول كأنهما قال لكني أردتُ كأن ذلك أو للصَّداق الواقعِ موقعَه صدُقاتِهن كأنه قيل وآتوا النساءَ صَداقَهن كما في قوله تعالى ﴿فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن﴾ حيث عَطفَ أكنْ على ما دلَّ عليه المذكورُ ووقع موقعَه كأنه قيلَ إنْ أخرتنِي أصَّدقْ وأكنْ واللامُ متعلقةٌ بالفعل وكذا عن لكن


الصفحة التالية
Icon