مختلطين وساء كان لهم ميراثٌ أو كانوا محجوبين بالأب
﴿فَلاِمِهِ السدس﴾ وأما السدسُ الذي حجبوها عنه فهو للأب عند وجودِه ولهم عند عدمِه وعليه الجمهورُ وعند ابنِ عباس رضي الله عنهما أنه لهم على كلِّ حالٍ خلا أن هذا الحجبَ عنده لا يتحقق بما دون الثلاثِ وبالأخوات الخلص وقرئ فلإِمِّه بكسر الهمزةِ إتْباعاً لما قبلها
﴿مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ﴾ خبرُ مبتدإٍ محذوفٍ والجملةُ متعلقةٌ بما تقدم جميعاً لا بما يليها وحدَه أي هذه الأنصباءُ للورثة من بعد إخراجِ وصيةٍ
﴿يُوصِى بِهَا﴾ أي الميت وقرئ مبنياً للمفعول مخففاً ومبنياً للفاعل مشددا وفائدةُ الوصفِ الترغيبُ في الوصية والندب إليها أودين عطفٌ على وصيةٍ إلا أنه غيرُ مقيدٍ بما قُيدتْ به من الوصف بل هو مُطلقٌ يتناول ما ثبت بالبينة أو الإقرارِ في الصحةِ وإيثارُ أَوْ المفيدةِ للإباحة على الواو للدِلالة على تساويهما في الوجوب وتقدُّمِهما على القِسْمة مجموعَيْن أو منفردَيْن وتقديمُ الوصيةِ على الديْن ذكراً مع تأخّرها عنه حُكماً لإظهار كمالِ العنايةِ بتنفيذها لكونها مظِنةً للتفريط في أدائها ولاطّرادها بخلاف الدَّين
﴿آباؤكم وَأَبناؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً﴾ الخطابُ للورثة فآباؤكم مبتدأ وأبناؤكم عطفٌ عليه ولا يدرون خبرُه وأيُّهم مبتدأٌ وأقربُ خبرُه ونفعاً نُصب على التمييز منه وهو منقول من الفاعلية كأنه قيل أيُّهم أقربُ لكم نفعُه والجملةُ في حيز النصبِ بلا تدرون والجملةُ الكبيرةُ اعتراضيةٌ مؤكِّدةٌ لوجوب تنفيذِ الوصيةِ أي أصولُكم وفروعُكم الذين يُتَوَفَّون لا تدرون أيُّهم أنفعُ لكم أمَنْ يوصي ببعض مالِه فيُعرِّضَكم لثواب الآخرةِ بتنفيذ وصيتِه أم مَنْ لا يوصي بشيء فيوفرَ عليكم عَرَضَ الدنيا وليس المرادُ بنفي الدرايةِ عنهم بيانَ اشتباهِ الأمرِ عليهم وكونَ أنفعيةِ كلَ من الأول والثاني في حيز الاحتمال عندهم من غير رجحانِ أحدِهما على الآخر كما في قولِه عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ مثلُ أمتي مثلُ المطرِ لا يدرى أولُه خيرٌ أمْ آخرُه فإنَّ ذلكَ بمعزلٍ من إفادة التأكيدِ المذكورِ والترغيبِ في تنفيذ الوصيةِ بل تحقيقَ أنفعيةِ الأولِ في ضمن التعريضِ بأن لهم اعتقاداً بأنفعية الثاني مبنياً على عدم الدراية وقد أُشير إلى ذلك حيث عبر عن الأنفعية بأقربيه النفع تذكير المناط زعمِهم وتعييناً لمنشأ خطئِهم ومبالغةً في الترغيب المذكورِ بتصوير الثوابِ الآجلِ بصورة العاجل لما أن الطباعَ مجبولةٌ على حب الخيرِ الحاضرِ كأنه قيل لاتدرون أيُّهم أنفعُ لكم فتحكُمون نظراً إلى ظاهر الحالِ وقربِ المنالِ بأنفعية الثاني مع أن الأمرَ بخلافه فإن ثوابَ الآخرةِ لتحقق وصولِه إلى صاحبه ودوامِ تمتّعِه به مع غاية قصْرِ مدةِ ما بينهما من الحياة الدنيا أقربُ وأحضرُ وعرَضُ الدنيا لسرعة نفادِه وفنائِه أبعدُ وأقصى وقيل الخطابُ للمورِّثين والمعنى لاتعلمون من أنفعُ لكم ممن يرِثُكم من أصولكم وفروعِكم عاجلاً وآجلاً فتحَرَّوا في شأنهم ما أوصاكم الله تعالى به ولا تعمِدوا إلى تفضيلِ بعضٍ وحرمانِ بعض روي أن أحدَ المتوالدين إذا كان أرفعَ درجةً من الآخر في الجنة سأل الله تعالى أن يرفعَ إليه صاحبَه فيُرفعُ إليه بشفاعته قيل فالجملةُ الاعتراضيةُ حينئذ مؤكدةٌ لأمر القِسْمةِ وأنت خبيرٌ بأنه مُشعرٌ بأن مدارَ الإرثِ ما ذُكر من أقربيه النفع مع أنه العلاقةُ النسبية
﴿فَرِيضَةً مّنَ الله﴾ نُصِبت نصْبَ مصدر مؤكد لفعل محذوف أي فرَض الله ذلك فرضاً أو لقوله تعالى ﴿يُوصِيكُمُ الله﴾ فإنه في معنى يأمركم ويفرِض عليكم
﴿إِنَّ الله كَانَ عَلِيماً﴾ أي بالمصالح والرُّتَب
﴿حَكِيماً﴾ في كلِّ ما قضَى وقدر فيدخُل فيه الأحكامُ المذكورة دخولا أوليا