٢١ - آل عمران
مجرى التأكيد بالمنفصل أي وأسلم من اتبعني أو مفعول معه
﴿وَقُلْ لّلَّذِينَ أُوتُواْ الكتاب﴾ أي من اليهود والنصارى وُضِع الموصولُ موضعَ الضمير لرعاية التقابل بين وصفي المتعاطِفَيْن
﴿والاميين﴾ أي الذين لا كتابَ لهم من مشركي العرب
﴿أأسلمتم﴾ متّبعين لي كما فعل المؤمنون فإنه قد أتاكم من البينات ما يوجبه ويقتضيه لا محالة فهل أسلمتم وعملتم بقضيتها أو أنتم على كفركم بعدُ كما يقول من لخّص لصاحبه المسألة ولم يدَعْ من طرق التوضيح والبيان مسلكا ألاسلكه فهل فهِمتها على منهاج قوله تعالى ﴿فَهَلْ أَنْتُمْ مُّنتَهُونَ﴾ إثرَ تفصيلِ الصوارفِ عن تعاطي الخمر والميسِر وفيه من استقصارهم وتعييرهم بالمعاندة وقلةِ الإنصافِ وتوبيخِهم بالبلادة وكلة القريحة مالا يخفى
﴿فَإِنْ أَسْلَمُواْ﴾ أي كما أسلمتم وإنما لم يصرح به كما في قوله تعالى ﴿فإن آمنوا بمثل ما آمنتم بِهِ﴾ حسماً لباب إطلاق اسم الإسلام على شئ آخر بالكلية
﴿فَقَدِ اهتدوا﴾ أي فازوا بالحظ الأوفر ونجَوْا عن مهاوي الضلال
﴿وَإِن تَوَلَّوْاْ﴾ أي أعرضوا عن الاتباع وقَبول الإسلام
﴿فَإِنَّمَا عَلَيْكَ البلاغ﴾ قائم مقامَ الجواب أي لم يضرّوك شيئاً إذْ ما عَلَيْكَ إِلاَّ البلاغُ وقد فعلت على أبلغِ وجه رُوي أنَّ رسولَ الله ﷺ لما قرأ هذه الآيةَ على أهل الكتاب قالوا أسلمنا فقال عليه السلام لليهود أتشهدون أن عيسى كلمةُ الله وعبدُه ورسولُه فقالوا معاذ الله وقالَ عليه الصلاةُ والسلام للنصارى أتشهدون أن عيسى عبدُ الله ورسولُه فقالوا معاذ الله أن يكون عيسى عبداً وذلك قولُه عزَّ وجلَّ وَإِن تَوَلَّوْاْ
﴿والله بَصِيرٌ بالعباد﴾ عالم بجميع أحوالهم وهو تذييل فيه وعد ووعيد
﴿إِنَّ الذين يَكْفُرُونَ بآيات الله﴾ أيَّ آيةٍ كانت فيدخُل فيهم الكافرون بالآيات الناطقةِ بحقية الإسلام على الوجه الذي مر تفصيلُه دخولاً أولياً
﴿وَيَقْتُلُونَ النبيين بِغَيْرِ حَقّ﴾ هم أهلُ الكتاب قتل أوّلوهم الأنبياءَ عليهم السلام وقتلو أتباعَهم وهم راضون بما فعلوا وكانوا قاتلهم الله تعالى حائمين حول قتلِ النبيِّ صلَّى الله عليهِ وسلم لولا أن عصَم الله تعالى ساحتَه المنيعة وقد أُشير إليه بصيغة الاستقبال وقرئ بالتشديد للتكثير والتقييدُ بغير حق للإيذان بأنه كان عندهم أيضاً بغير حق
﴿وَيَقْتُلُونَ الذين يَأْمُرُونَ بالقسط مِنَ الناس﴾ أي بالعدل ولعل تكريرَ الفعل للإشعار بما بين القتلين من التفاوت أو باختلافها في الوقت عن أبي عبيدة بن الجراح قلتُ يا رسولَ الله أي الناسِ أشدُّ عذاباً يوم القيامة قال رجل قتل نبياً أو رجلاً أمر بمعروف ونهى عن المنكر ثم قرأها ثم قال يا أبا عبيدة قتلت بنو إسرائيلَ ثلاثةً وأربعين نبي من أول النهار في ساعة واحدة فقام مائةٌ واثنا عشرَ رجلاً من عبّاد بني إسرائيل فأمروا قَتلَتهم بالمعروف ونهَوْهم عن المنكر فقُتلوا جميعاً من آخر النهار وقرئ ويقاتلون الذين
﴿فَبَشّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ خبرٌ إن والفاء لتضمن اسمها معنى الشرط فإنها بالنسخ لاتغير معنى الابتداء بل تزيده تأكيداً وكذا الحال في النسخ بأن المفتوحة كما في قوله تعالى واعلموا إنما غنمتم من شئ فَأَنَّ للَّهِ خُمُسَهُ وكذا النسخ بلكن كما في قوله تعالى واعلموا أَنَّمَا غَنِمْتُم مّن شَىْء فَأَنَّ للَّهِ خُمُسَهُ وكذا النسخ بلكن كما في قوله فو الله ما فارقتُكم عن ملالة... ولكنّ ما يقضى فسوف يكون... وإنما يتغير معنى الابتداء