الأنعام آية ٤٥ ٤٧
مع ذلك غاية لقوله تعالى فَتَحْنَا أو لما يدل هو عليه كأنه قيل ففعلوا ما فعلوا حتى إذا اطمأنوا بما أتيح لهم وبطِروا وأشِروا ﴿أخذناهم بَغْتَةً﴾ أي نزل بهم عذابنا فجأةً ليكون أشدَّ عليهم وقعا وأفظع هو لا ﴿فَإِذَا هُمْ مُّبْلِسُونَ﴾ متحسِّرون غاية الحسرة آيسون من كل هير واجمون وفي الجملة الاسميةِ دلالة على استقرارهم على تلك الحالة الفظيعة
﴿فَقُطِعَ دَابِرُ القوم الذين ظَلَمُواْ﴾ أي آخِرُهم بحيث لم يبقَ منهم أحد من دبره دبرا ودبورا أي تبعه ووضعُ الظاهر موضعَ الضميرِ للإشعارِ بعلةِ الحُكم فإن هلاكهم بسبب زلمهم الذي هو وضعُ الكفر موضعَ الشكر وإقامةُ المعاصي مُقامَ الطاعات ﴿والحمد للَّهِ رَبّ العالمين﴾ على ما جرى عليهم من النَّكال فإن إهلاك الكفار والعصاة من حيث أنه تخليصٌ لأهل الأرض من شؤم عقائدِهم الفاسدة وأعمالهم الخبيثة نعمةٌ جليلة مستجلِبةٌ للحمد لا سيما مع ما فيه من إعلاءِ كلمةِ الحق التي نطقَت بها رسلُهم عليهم السلام
﴿قل أرأيتم﴾ أمر لرسول الله ﷺ بتكرير التبكيت عليهم وتثنيةِ الإلزامِ بعد تكملةِ الإلزامِ الأولِ ببيان أنه أمرٌ مستمرٌ لم يزَلْ جارياً في الأمم وهذا أيضاً استخبارٌ عن متعلَّق الرؤية وإن كان بحسب الظاهر استخباراً عن نفسِ الرؤية ﴿إِنْ أَخَذَ الله سَمْعَكُمْ وأبصاركم﴾ بأن أصَمّكم وأعماكم بالكلية ﴿وَخَتَمَ على قُلُوبِكُمْ﴾ بأن غطى عليها بما لا يبقى لكم معه عقلٌ وفهمٌ أصلاً وتصيرون مجانين ويجوز أن يكون الختمُ عطفاً تفسيرياً للأخذ المذكور فإن السمعَ والبصر طريقان للقلب منهما يرِدُ ما يرِدُه من المدرَكات فأخذهما سد لبابه وهو السرُّ في تقديم أخذِهما على ختمها وأما تقديمُ السمع على الإبصار فلأنه مورِدُ الآياتِ القرآنية وإفرادُه لما أن أصله مصدَرٌ وقوله تعالى ﴿مِنْ إله﴾ مبتدأ وخبر ومن استفهامية وقوله تعالى ﴿غَيْرُ الله﴾ صفةٌ للخبر وقوله تعالى ﴿يَأْتِيكُمْ بِهِ﴾ أي بذاك على أن الضميرَ مستعارٌ لاسم الإشارة أو بما أَخَذ وخَتَم عليه صفةٌ أخرى له والجملة متعلَّقُ الرؤية ومناطُ الاستخبار أي أخبروني إنْ سلب الله مشاعرَكم من إله غيرُه تعالى يأتيكم بها وقوله تعالى ﴿انظر كَيْفَ نُصَرّفُ الايات﴾ تعجيبٌ لرسول الله ﷺ من عدم تأثُّرِهم بما عاينوا من الآيات الباهرةِ أي انظر كيف نكرِّرها ونقرِّرها مصروفةً من أسلوب إلى أسلوب تارةً بترتيب المقدِّمات العقلية وتارةً بطريق الترغيب والترهيب وتارةً بالتنبيه والتذكير ﴿ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ﴾ عطفٌ على نصرِّف داخلٌ في حُكمه وهو العُمدة في التعجيب وثم لاستبعاد صدوفهم أي إعراضِهم عن تلك الآيات بعد تصريفها على هذا النمط البديعِ الموجبِ للإقبال عليها
﴿قُلْ أَرَأَيْتُكُم﴾ تبكيتٌ آخَرُ لهم بإلجائهم إلى الاعترافِ باختصاص للعذاب بهم ﴿إِنْ أتاكم عَذَابُ الله﴾ أي