الأنعام آية ٥٥ ٥٧
يؤدي إلى الضرر أو عمله ملتبسا بجهالة ﴿ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ﴾ أي من بعد مله أو من بعد سَفَهِه ﴿وَأَصْلَحَ﴾ أي ما أفسده تدارُكاً وعزْماً على أن لا يعودَ إليه أبداً ﴿فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ أي فأمرُه أنه غفور رحيم أو فله أنه غفور رحيم وقُرىء فإنَّه بالكسرِ على أنه استئنافٌ وقع في صدر الجملة الواقعةِ خبراً لمن على أنَّها موصولةٌ أو جوابا لها على أنها شرطية
﴿وَكَذَلِكَ نفَصّلُ الايات﴾ قد مر آنفاً ما فيه من الكلام أي هذا التفصيلِ البديعِ نُفَصّلُ الآيات في صفة أهل الطاعةِ وأهل الإجرام المُصرِّين منهم والأوابين ﴿وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ المجرمين﴾ بتأنيث الفعلِ بناءً على تأنيث الفاعل وقرىء بالتذكير بناءً على تذكيره فإن السبيلَ ممَّا يُذكِّرُ ويُؤنَّثُ وهو عطفٌ على علة محذوفةٍ للفعل المذكورِ لم يُقصَدْ تعليلُه بها بعينها وإنما قُصد الإشعارُ بأن له فوائدَ جمّةً مِنْ جُمْلتها ما ذُكر أو علةٌ لفعل مقدرٍ هو عبارة عن المذكور فيكون مستأنَفاً أي ولتستبين سبيلَهم نفعلُ ما نفعل من التفصيل وقرىء بنصب السبيلَ على أن العف متعدَ وتاؤُه للخطاب أي ولتستوضح أنت يا محمد سبيلَ المجرمين فتعامِلَهم بما يليق بهم
﴿قُلْ إِنّى نُهِيتُ﴾ أُمر ﷺ بالرجوع إلى مخاطبة المُصِرّين على الشرك إثرَ ما أُمر بمعاملة مَنْ عداهُم من أهلِ الإنذار والتبشيرِ بما يليق بحالهم أي قل لهم قطعاً لأطماعهم الفارغة عن ركونه ﷺ إليهم وبياناً لكون ما هم عليه من الدين هوىً محضاً وضلالاً بحتاً إني صُرفتُ وزُجِرْت بما نُصب لي من الأدلة وأُنزل علي من الآيات في أمر التوحيد ﴿أَنْ أَعْبُدَ الذين تَدْعُونَ﴾ أي عن عبادة ما تعبدونه ﴿مِن دُونِ الله﴾ كائناً ما كان ﴿قُلْ﴾ كَرر الأمرَ مع قرب العهد اعتناء بشأن المأمور به أو غيذانا باختلاف المَقولَيْن من حيث إن الأولَ حكايةٌ لِما منْ جهتِه تعالَى منْ النهي والثاني حكايةٌ لما من جهته ﷺ من الانتهاء عما ذُكر من عبادة ما يعبدونه وإنما قيل ﴿لاَّ أَتَّبِعُ أَهْوَاءكُمْ﴾ استجهالاً لهم وتنصيصاً على أنهم فيما هم فيه تابعون لأهواءَ باطلةٍ وليسوا على شيء مما ينطلق عليه الدين أصلاً وإشعاراً بما يوجب النهيَ والانتهاءَ وقوله تعالى ﴿قَدْ ضَلَلْتُ إِذاً﴾ استئنافٌ مؤكِّد لانتهائه عما نهي عنه مقرِّر لكونهم في غاية الضلال والغَواية أي إن اتبعتُ أهواءكم فقد ضللت وقولُه تعالَى ﴿وَمَا أَنَاْ مِنَ المهتدين﴾ عطفٌ على ما قبله والعدولُ إلى الجُملةِ الاسميَّةِ للدلالة على الدوام والاستمرار رأي دوامِ النفْي واستمرارِه لا نفْيِ الدوام والاستمرار كما مرَّ مراراً أي ما أنا في شيء من الهدى حين أكون في عِدادهم وقوله تعالى
﴿قُلْ إِنّى على بَيّنَةٍ﴾ تحقيقٌ للحق الذي عليه رسول الله ﷺ وبيان لاتباعه غياه إثر إبطال الباطل الذي عليهالكفرة وبيان عدم


الصفحة التالية
Icon