الأنعام آية ٨٤
في الفضل وهو مبتدأ وقوله تعالى ﴿حُجَّتُنَا﴾ خبرُه وفي إضافتها إلى نونِ العظمةِ من التفخيم ما لا يخفى وقوله تعالى ﴿آتَيْنَاهَا إبراهيم﴾ أي أرشدناه إليها وعلمناه إياها في محل النصب على أنه حال من حجتُنا والعاملُ فيها معنى الإشارةِ كما في قوله تعالى فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بماظلموا أو في محلِ الرفعِ على أنه خبرٌ ثانٍ أو هو الخبر وحدجبتنا بدل أو بيان المبتدأ وإبراهيم مفعولٌ أولٌ لآتينا قُدِّم عليه الثاني لكونه ضميراً وقوله تعالى ﴿على قَوْمِهِ﴾ متعلِّقٌ بحجتُنا إن جُعل خبراً لتلك أو بمحذوفٍ إن جُعل بدلاً أي آتينا إبراهيمَ حجةً على قومه وقيل بقوله آتينا ﴿نَرْفَعُ﴾ بنون العظمةِ وقرىء بالباء على طريق الالتفات وكذا الفعل الآتي ﴿درجات﴾ أي رتباً عظيمةً عالية من العلم والحكمة وانتصابُها على المصدرية أو الظرفية أو على نزع الخافض أي إلى درجات أو على التمييز والمفعولُ قوله تعالى ﴿من نشاء﴾ وتأخيرُه على الوجوه الثلاثةِ الأخيرةِ لما مرَّ من الاعتناء بالمقدم والتشويق إلى المؤخَّر ومفعولُ المشيئة محذوفٌ أي من نشاء رفعَه حسبما تقتضيه الحكمة وتستدعيه المصلحةُ وإيثارُ صيغةِ الاستقبالِ للدلالةِ عَلى أنَّ ذلكَ سُنةٌ مستمرَّة جاريةٌ فيما بين المُصطَفَيْنَ الأخيارِ غيرُ مختصةٍ بإبراهيمَ عليه السلام وقرىء بالإضافة إلى من والجملةُ مستأنَفة مقرِّرةٌ لما قبلها لا محلَّ لها من الإعراب وقيل هي في محل النصب على أنها حالٌ من فاعل آتينا أي حال كوننا رافعين الخ ﴿إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ﴾ في كلِّ ما فعل من رفْعٍ وخفضٍ ﴿عَلِيمٌ﴾ بحال من يرفعُه واستعدادِه له على مراتبَ متفاوتة والجملةُ تعليلٌ لما قبلها وفي وضع الرَّبِّ مُضافاً إلى ضميرِه عليهِ السَّلامُ موضِعَ نونِ العظمةِ بطريق الالتفاتِ في تضاعيف بيان أحوال غبراهيم عليه السلام إظهارٌ لمزيد لُطفٍ وعنايةٍ به عليه السلام
﴿وَوَهَبْنَا لَهُ إسحاق وَيَعْقُوبَ﴾ عطف على قوله تعالى وَتِلْكَ حُجَّتُنَا الخ فإن عطفَ كلَ من الجملة الفعلية والاسميةِ على الأخرى مما لا نزاعَ في جوازه ولا مساغَ لعطفه على آتيناها لأن له محلاً من الإعراب نصْباً ورفعاً حسبما بُيِّن من قبلُ فلو عُطف هذا عليه لكان في حُكمه من الحالية والخبرية المستدعيتين للرابط ولا سبيلَ إليه ههنا ﴿كَلاَّ﴾ مفعولٌ لِمَا بعده وتقديمه للقصر لكن لا بالنسبة إلى غيرهما مطلقاً بل بالنسبة إلى أحدهما أي كلُّ واحدٍ منهما ﴿هَدَيْنَا﴾ لا أحدَهما دون الآخَر وتركُ ذكر المهدى إليه لظهور أنه الذي أوتيَ إبراهيمُ وأنهما مقتدِيان به ﴿وَنُوحاً﴾ منصوبٌ بمضمر يفسِّره ﴿هَدَيْنَا مِن قَبْلُ﴾ أي من قبلِ إبراهيمَ عليه السلام عَدَّ هُداه نعمةً على إبراهيمَ عليه السلام لأن شرفَ الوالدِ سارٍ إلى الولد ﴿وَمِن ذُرّيَّتِهِ﴾ الضمير لإبراهيمَ لأن مَساقَ النظمِ الكريمِ لبيانِ شئونه العظيمةِ من إيتاءِ الحجةِ ورفع الدرحات وهبةِ الأولادِ الأنبياءِ وإبقاءِ هذه الكرامةِ في نسله إلى يوم القيامة كلُّ ذلك الإلزام مَنْ ينتمي إلى ملتِه عليه السلامُ من المشركين واليهود وقيل لنوحٍ لأنه أقربُ ولأن يونُسَ ولوطاً ليسا من ذرِّية إبراهيمَ فلو كان الضميرُ له لاختصَّ بالمعدودين في هذه الآية التي بعدها وأما المذكورون في الآية الثالثةِ فعطفٌ على نوحاً ورُوي عن ابن عبَّاسٍ أن هؤلاءِ الأنبياءَ كلَّهم مُضافون إلى ذرِّية إبراهيم وإن كان