الأنعام آية ٩٥ ٩٦
منفردين عن الأموال والأولاد وغير ذلك مما ى ثرتموه من الدنيا أو عن الأعوان والأصنامِ التي كنتم تزعمون أنها شفعاؤكم وهم جمع فَرْد والألفُ للتأنيث ككسالى وقرىء فرادا كرخال وفَرادَ كثلاثَ وفَرْدَى كسَكْرى ﴿كَمَا خلقناكم أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾ بدل من فرادى أي على الهيئة التي ولدتم عليها في الانفراد أو حال ثانية عند من يجوِّزُ تعددَها أو حال من الضمير في فرادى أي مشبهن ابتداءَ خلقِكم عُراةً حُفاة غر لابهما أو صفةُ مصدرِ جئتمونا أي مجيئاً كخلقنا لكم أَوَّلَ مَرَّةٍ ﴿وَتَرَكْتُمْ مَّا خولناكم﴾ تفضّلناه عليكم في الدنيا فشُغِلتم به عن الآخرة ﴿وَرَاء ظُهُورِكُمْ﴾ ما قدمتم منه شيئاً ولم تحملو نقيراً ﴿وَمَا نرى مَعَكُمْ شُفَعَاءكُمُ الذين زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاء﴾ أي شركاءُ الله تعالى في الربوبية واستحقاقِ العبادة ﴿لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ﴾ أي وقع التقطعُ بينكم كما يقال جمع بين الشيئين أي أوقع الجمع بينهما وقرىء بينكمك بالرفع على إسنادِ الفعلِ إلى الظرف كما يقال قوتل أمامُكم وخلفُكم أو على أن البينَ اسمٌ للفصل والوصل أي تقطع وصلُكم وقرىء ما بينَكم ﴿وَضَلَّ عَنكُم﴾ أي ضاع أو غاب ﴿مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ﴾ أنها شفعاؤكم أو أنْ لا بعثَ ولا جزاء
﴿إِِنَّ الله فَالِقُ الحب والنوى﴾ شروعٌ في تقرير بعضِ أفاعيلِه تعالى الدالةِ على كمال علمه وقدرته ولطفِ صُنعِه وحِكمتِه إثرَ تقريرِ أدلةِ التوحيد والفَلْقُ الشَقُّ بإبانةٍ أي شاقُّ الحبِّ بالنبات والنوى بالشجر وقيل المرادُ به الشِقُّ الذي في الحبوب والنَّوى أي خالقُهما كذلك كما في قولُك ضَيِّقْ فمَ الرَّكِيةِ ووسِّعْ أسفلَها وقيل الفلْقُ بمعنى الخلق قال الواحدي ذهبوا بفالقُ مذهبَ فاطر ﴿يُخْرِجُ الحى مِنَ الميت﴾ أي يُخرج ما ينمومن الحيوان والنبات مما لا ينمو من النطفة والحبِّ والجملة مستأنفة مبنية لما قبلَها وقيلَ خبرٌ ثان لأن وقوله تعالى ﴿وَمُخْرِجُ الميت﴾ كالنطفة والحب ﴿مِنَ الحى﴾ كالحيوان والنبات عطفٌ على فالقُ الحب لا على يُخرج على الوجه الأول لأن إخراج الميِّتِ من الحيِّ ليس من قبيل فلقِ الحب والنوى ﴿ذلكم﴾ القادرُ العظيمُ الشأنِ هو ﴿الله﴾ المستحِقّ للعبادة وحده ﴿فأنى تُؤْفَكُونَ﴾ فكيفَ تُصرَفون عن عبادتِه إلى غيره ولا سبيل إليه أصلاً
﴿فَالِقُ الإصباح﴾ خبرٌ آخَرُ لأنَّ أو لمبتدإٍ محذوفٍ والإصباحُ مصدرٌ سمِّي به الصبحُ وقُرِىءَ بفتح الهمزة على أنه جمعُ صُبْح أي فالقُ عمودِ الفجر عن بياضِ النهار وإسفارِه أو فالق ظلمةِ الإصباحِ وهي الغَبَشُ الذي يلي الصبحَ وقرىء فالقَ بالنصب على المد ﴿وجعل الليل سَكَناً﴾ يسكُن إليه التعِبُ بالنهار لاستراحته فيه من سَكَن إليه إذا اطمأن إليه استئناساً به أو يسكن فيه الخلقُ من قوله تعالى لِتَسْكُنُواْ فِيهِ وقرىء جاعلُ الليل فانتصابُ سكناً بفعل دل عليه جاعل وقيل بنفسه على أن المرادَ به الجعلُ المستمرُّ في الأزمنة المتجددة حسَب تجدّدِها لا الجعلُ الماضي فقط وقيل اسمُ الفاعل من الفعل المتعدِّي إلى اثنينِ يعملُ في الثاني وإن كان بمعنى الماضي لأنه لما أُضيف إلى الأول تعيّن نصبُه للثاني لتعذّر الإضافة بعد ذلك