الأعراف آية ١٧ ١٩
فَبِعِزَّتِكَ لاَغْوِيَنَّهُمْ فإن إغواءَه تعالى إلى إيَّاهُ أثرٌ من آثارِ قدرته عز وجل وحُكمٌ من أحكام سلطانِه تعالى فمآلُ الإقسامِ بهما واحدٌ فلعل اللعينَ أقسمَ بهما جميعاً فحكة تارةً قسَمَه بأحدِهما وأُخرى بالآخر والفاءُ لترتيبِ مضمونِ الجملةِ على الإنظار وما مصدريةٌ أي فأقسم بإغوائك إياي ﴿لاقْعُدَنَّ لَهُمْ﴾ أو للسببية على أن الباءَ متعلقةٌ بفعل القسمِ المحذوفِ لا بقوله لاقْعُدَنَّ لَهُمْ كما في الوجه الأول فإن اللام تصُدّ عن ذلك أي فبسبب إغوائِك غياي لأجلهم أُقسم بعزتك لأقعُدّن لآدمَ وذرِّيتِه ترصّداً بهم كما يقعُد القُطّاع للقطع على السابلة ﴿صراطك المستقيم﴾ الموصِلَ إلى الجنة وهو دينُ الإسلام فالقعودُ مجازٌ متفرع على الكتابة وانتصابُه على الظرفية كما في قوله كما عَسَلَ الطريقَ الثعلبُ وقيل على نزع الجارِّ تقديرُه على صراطك كقولك ضرب زيد الظهرَ والبطنَ
﴿ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أيمانهم وَعَن شَمَائِلِهِمْ﴾ أي من الجهات الأربعِ التي يُعتاد هجومُ العدوِّ منها مثلُ قصدِه إياهم للتسويل والإضلال من أي وجهٍ يتيسر بإتيان العدوِّ من الجهات الأربعِ ولذلك لم يذكر الفرق والتحتُ وعن ابن عباس رضي الله عنهما من بين ايديهم من قيل الآخرة ومن خلفهم من جهة الدنيا وعن أيمانهم وعن شمائلهم من جهخة حسناتِهم وسيئاتِهم وقيل من بين أيديهم من حيث يعلمون ويقدِرون على التحرز منه ومن خلفهم من حيث لا يعلمون ولا يقدرون وعن أيمانهم وعن شمائلهم من حيث يتيسر لهم أن يعلموا ويتحرزوا ولكن لم يفعلوا لعدم تيّقظهم واحتياطِهم ومن حيث لا يتيسر لهم ذلك وإنما عُدِّي الفعلُ إلى الأوَّلَيْن بحرف الابتداء لأنه منهما متوجهٌ إليهم وإلى الآخَرَين بحرف المجاوزة فإن الآتيَ منهما كالمنحرف المتجافي عنهم المارِّ على عَرضهم ونظيرُه جلست عن يمينه ﴿وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شاكرين﴾ أي مطيعين وإنما قاله ظناً لقوله تعالى وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ لما رأى منهم مبدأ الشرِّ متعدداً ومبدأَ الخيرِ واحداً وقيل سمعه من الملائكةِ عليهمِ السَّلامُ
﴿قال﴾ استئناف كما سلف مراراً ﴿أَخْرَجَ مِنْهَا﴾ أي من الجنَّةِ أو من السماء أو من بينِ الملائكة ﴿مذموما﴾ أي مذموماً من ذَأَمه إذا ذمّه وقرىء مَذوماً كمسول في مسئول أو كَمَكول في مكيل من ذامه يذيمه ذيماً ﴿مَّدْحُورًا﴾ مطروداً ﴿لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ﴾ اللامُ موطئةٌ للقسم وجوابه ﴿لامْلانَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ﴾ وهو سادٌّ مسدَّ جوابِ الشرط وقرىء لِمَنْ تبعك بكسر اللام على أنه خبرُ لأملأن على معنى لِمَنْ تبعك هذا الوعيدُ أو علةٌ لاخرُجْ ولأملأن جواب قسم محذوفٌ ومعنى منكم منك ومنهم على تغليب المخاطب
﴿ويا آدم﴾ أي وقلنا كما وقعَ في سورةِ البقرة