الأعراف آية ٨٧ ٨٨
﴿واذكروا إِذْ كُنتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ﴾ بالبركة في النسل والمال ﴿وانظروا كَيْفَ كَانَ عاقبة المفسدين﴾ من الأمم الماضيةِ كقومِ نوحٍ ومَنْ بعدهم من عاد وثمودَ وأضرابِهم واعتبِروا بهم
﴿وَإِن كَانَ طَائِفَةٌ مّنكُمْ آمنوا بالذى أُرْسِلْتُ بِهِ﴾ من الشرائع والأحكام ﴿وَطَائِفَةٌ لَّمْ يْؤْمِنُواْ﴾ أي به أو لم يفعلوا الإيمان ﴿فاصبروا حتى يَحْكُمَ الله بَيْنَنَا﴾ أي بين الفريقين بنصر المُحقّين على المبطلين فهو وعدٌ للمؤمنين ووعيدٌ للكافرين ﴿وهو خير الحاكمين﴾ غذ لا معقِّبَ لحكمه ولا حَيْفَ فيه
﴿قال الملأ الذين استكبروا من قومه﴾ استئناف مبني على سؤال ينساق إليه المقالُ كأنه قيل فماذا قالوا بعد ما سمعوا هذه المواعظَ من شعيبٍ عليه السَّلامُ فقيل قال أشرافُ قومِه المستكبرون متطاولين عليه عليه السلام غيرَ مكتفِين بمجرد الاستعصاءِ عليه والامتناعِ من الطاعة له بل بالغين من العُتوِّ والاستكبارِ إلى أن قصَدوا استتباعَه عليه السلام فيما هم فيه وأتباعَه المؤمنين واجترءوا على إكراههم عليه بوعيد النفي وخاطبوه بذلك على طريقة التوكيدِ القسمي ﴿لَنُخْرِجَنَّكَ يا شعيب والذين آمنوا﴾ بنسبة الإخراجِ إليه عليه السلام أولا إلى المؤمنين ثانياً بعطفهم عليه تنبيهاً على أصالته عليه السلام في الإخراج وتبعيتِهم له فيه كما ينبىء عنه قوله تعالى ﴿مَعَكَ﴾ فإنه متعلقٌ بالإخراج لا بالإيمان وتوسيطُ النداءِ باسمه العَلَميِّ بين المعطوفَين لزيادة التقرير والتهديد الناشئة عن غاية الوقاحةِ والطغيان أي والله لنُخرجنّك وأتباعَك ﴿مِن قَرْيَتِنَا﴾ بغضاً لكم ودفعاً لفتنتكم المترتبةِ على المساكنة والجِوارِ وقوله تعالى ﴿أَوْ لَتَعُودُنَّ فِى مِلَّتِنَا﴾ عطفٌ على جوابِ القسمِ أيْ والله ليكونن أحدُ الأمرين البتنة على أن المقصِدَ الأصليَّ هو العَوْدُ وإنما ذُكر النفيُ والإجلاءُ لمحض القسر والأجاء كما يُفصِحُ عنه عدمَ تعرُّضِه عليه السلام لجواب الإخراجِ كأنهم قالوا لا ندعكم فيما بيننا حتى تدخُلوا في ملتنا وإدخالُهم له عليهِ السَّلامُ في خطاب العَوْدِ مع استحالة كونه عليه السلام في ملتهم قبل ذلك إنما هو بطريق تغليل الجماعةِ على الواحد وإنما لم يقولوا أو لنُعيدنّكم على طريقة ما قبله لِما أن مُرادَهم أن يعودوا إليها بصوررة الطواعيةِ حِذارَ الإخراجِ باختيار أخون الشرَّين لا إعادتُهم بسائر وجوهِ الإكراهِ والتعذيب ﴿قَالَ﴾ استئنافٌ كما سبق أي قال عليه السلام رداً لمقالتهم الباطلةِ وتكذيباً لهم في أيمانهم الفاجرة ﴿أولو كُنَّا كارهين﴾ على أنَّ الهمزةُ لإنكارِ الوقوعِ ونفْيِه لا لإنكارِ الواقعِ واستقباحِه كالتي في قولِه تَعالَى أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَىء مُّبِينٍ ويجوز أن يكون الاستفهامُ فيه باقياً على حاله وقد مرَّ مراراً أنَّ كلمةَ لو في مثلِ هذا المقامِ ليست لبيان انتفاءِ الشيءِ في الزمن الماضي لانتفاء غيرِه فيه فلا يلاخحظ لها جوابٌ قد حُذف تعويلاً على دِلالة ما قبلها عليه ملاحظة قصدية إلا عند القصدِ إلى بيان الإعرابِ على القواعد الصناعيةِ بل هي لبيان تحققِ ما يفيده الكلام السابق