الأعراف آية ٩١ ٩٤
جوابي الشرطِ والقسمِ الذي وطَّأَتْه اللام
﴿فَأَخَذَتْهُمُ الرجفة﴾ أي الزَّلزلةُ وهكذا في سورة العنكبوت وفي سورة هود وَأَخَذَتِ الذين ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ أي صيحةُ جبريلَ عليهِ السَّلامُ ولعلها من مبادى الرجفةِ فأُسند هلاكُهم إلى السبب القريبِ تارةً وإلى البعيد أخرى ﴿فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ﴾ أي في مدينتهم وفي سورة هودج في ديارهم ﴿جاثمين﴾ أي ميتين لازمين لأماكنهم لا بَراحَ لهم منهَا
﴿الذين كَذَّبُواْ شُعَيْبًا﴾ استئنافٌ لبيان ابتلائهم بشئوم قولِهم فيما سبق لَنُخْرِجَنَّكَ يا شعيب والذين آمنوا مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَا وعقوبتِهم بمقابلته والموصولُ مبتدأٌ خبرُه قوله تعالى ﴿كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا﴾ أي استُؤصِلوا بالمرة وصاروا كأنهم لم يقيموا بقريتهم أصلاً أي عوقبوا بقولهم ذلك وصاروا هم المُخرَجين من القرية إخراجاً لا دخولَ بعده أبداً وقولُه تعالَى ﴿الذين كَذَّبُواْ شُعَيْبًا كَانُواْ هُمُ الخاسرين﴾ اتستئناف آخرُ لبيان ابتلائِهم بعقوبة قولِهم الأخيرِ وإعادةُ الموصولِ والصلةِ كما هي لزيادةِ التقريرِ والإيذانِ بأنَّ ما ذكر في حيز الصلة هو الذي استوجب العقوبتين أي الذين كذبوه عليه السلام عوقبوا بمقالتهم الأخيرة فصاروا هم الخاسرين للدنيا والدين لا المتبعون له عليه الصلاة والسلام وبهذا القصر اكتُفي عن التصريح والذين آمنوا مَعَهُ الخ
﴿فتولى عنهم وقال يا قوم لقد أَبْلَغْتُكُمْ رسالات رَبّى وَنَصَحْتُ لكم﴾ قالَه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ بعد ما هلكوا تأسفاً بهم لشدة حزنِه عليهم ثم أنكر على نفسه ذلك فقال ﴿فكيف آسى﴾ أحزن حزناً شديداً ﴿على قَوْمٍ كافرين﴾ أي مُصِرِّين على الكفر ليسوا أهلَ حزنٍ لاستحقاقهم ما نزل عليهم بكفرهم أو قاله اعتذار عن عدم شدة حزنِه عليهم والمعنى لقد بالغتُ في الإبلاغ والإنذار وبذلتُ وُسعي في النصح والإشفاقِ فلم تُصدِّقوا قولي فكيف آسى عليكم وقرىء إيسى بإمالتين
﴿وَمَا أَرْسَلْنَا فِى قَرْيَةٍ مّن نَّبِىٍّ﴾ إشارةٌ إجمالية إلى بيان أحوالِ سائرِ الأمم إثرَ بيان أحوالِ الأمم المذكورة وتفصيلا ومن مزيدة لتأكيد النفي والصفةُ محذوفةٌ أي من نبي كُذِّب أو كذَّبه أهلُها ﴿إِلا أَخَذْنَا أَهْلَهَا﴾ استثناء مفرغ من أعم الأحوالِ وأخذنا في محل النصب من فاعل أرسلنا والفعلُ الماضي لا يقع بعد إلا بأحد شرطين إما تقديرِ قد كما في هذه الآية أو مقارَنةِ قد كما في قولك ما زيد إلا قد قام والتقديرُ وَمَا أَرْسَلْنَا فِى قَرْيَةٍ من القرى المُهلَكة نبياً من الأنبياء في حالٍ من الأحوالِ إلا حالَ كونِنا آخذين


الصفحة التالية
Icon