الأعراف آية ١١٥ ١٢٠
كأنه قال إن لكم لأجراً وإنكم مع ذلك لمن المقربين للمبالغة في الترغيب روي أنه قال لهم تكونُون أولَ من يدخُل مجلسي وآخِرَ من يخرُج منه
﴿قَالُواْ﴾ استئنافٌ كما مر كأنَّه قيلَ فمَاذا فعلُوا بعد ذلك فقيل قالوا متصدّين لشأنهم مخاطِبين لموسى عليه السلام ﴿يا موسى إِمَّا أَن تُلْقِىَ﴾ ما تلقي أولاً ﴿وَإِمَّا أَن نَّكُونَ نَحْنُ الملقين﴾ أي لِما نُلقي أولاً أو الفاعلين للإلقاء أولاً خيّروه عليه السلام بالبدء بالإلقاءِ مراعاة للأدب وإظهار للجلادة وأنه لا يختلف حالُهم بالتقديم والتأخير ولكن كانت رغبتُهم في التقديم كما ينبىء عنه تغييرُهم للنظم بتنعريف الخبر وتوسيطُ ضميرِ الفصل وتأكيدِ الضمير المتصل
﴿قَالَ أَلْقَوْاْ﴾ غيرَ مبالٍ بأمرهم أي ألقوا ما تُلقُون ﴿فَلَمَّا أَلْقُوْاْ﴾ ما ألقَوْا ﴿سَحَرُواْ أَعْيُنَ الناس﴾ بأن خيّلوا إليهم ما لا حقيقةَ له ﴿واسترهبوهم﴾ أي بالغوا في إرهابهم ﴿وجاؤوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ﴾ في بابه روي أنهم ألقَوا حِبالاً غلاظاً وخشَباً طِوالاً كأنها حياتٌ ملأت الواديَ وركِبَ بعضُها بعضاً
﴿وَأَوْحَيْنَا إلى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِىَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ﴾ الفاءُ فصيحة أي فألقاها فصارت حيةً فإذا هي الآية وإنما حُذف للإشعار بمسارعة موسى عليه السلام إلى الإلقاء وبغاية سرعةِ الانقلاب كأن لقْفَها لما يأفكون قد حصل متصلاً بالأمر بالإلقاء وصيغةُ المضارعِ لاستحضار صورةِ اللقْفِ الهائلةِ والإفك الصِّرْفِ والقلب عن الوجه المعتاد وما موصولةٌ أو موصوفةٌ والعائدُ محذوفٌ أي ما يأفِكونه ويزوّرونه أو مصدريةٌ وهي مع الفعل بمعنى المفعول روي أنها لمل تلقّفت مِلءَ الوادي من الخشب والحِبال ورفعها موسى فرجعت عصاً كما كانت وأَعدم الله تعالى بقدرته الباهرة تلط الأجرامَ العظامَ أو فرَّقها أجزاءً لطيفةً قالت السحرة لو كان هذا سحراً لبقِيَتْ حبالُنا وعِصِيُّنا
﴿فَوَقَعَ الحق﴾ أي فثبت لظهور أمر ﴿وَبَطَلَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾ أي ظهر بطلانُ ما كانوا مستمرِّين على عمله
﴿فغلبوا﴾ اي فوعون وقومُه ﴿هُنَالِكَ﴾ أي في مجلسهم ﴿وانقلبوا صاغرين﴾ أي صاروا أذلاء مبهوتين أو رجَعوا إلى المدينة أذلاء مقهورين والأولُ هو الظاهرُ لقولهخ تعالى
﴿وَأُلْقِىَ السحرة ساجدين﴾ فإن ذلك كان بمحضرلا مكنم فرعون قطعاً أي خروا سجداً كأنما ألقاهم مُلْقٍ لشدة خرورِهم كيف لا وقد