الأعراف آية ١٢٦ ١٢٨
عن سؤال ينساق إليه الذهنُ كأنَّه قيلَ فماذَا قالَ السحرةُ عندما سمِعوا وعيدَ فرعونَ هل تأثروا به تصلبوا فيمَا هُم فيهِ من الدين فقيل قالوا ثابتين على ما أحدثوا من الإيمان ﴿إِنَّا إلى رَبّنَا مُنقَلِبُونَ﴾ أي بالموت لا محالة فسواءٌ كان ذلك من قِبَلك أو لا فلا نبالي بوعيدك أو إنا إلى رحمة ربنا وثوابِه منقلبون إن فعلتَ بنا ذلك كأنهم استطابوه شَغَفاً على لقاء الله تعالى وإنا جميعاً إلى ربنا منقلبون فيحكم بيننا وبينك
﴿وَمَا تَنقِمُ مِنَّا﴾ أي وما تُنكر وتَعيب منا ﴿إلا أن آمنا بآيات رَبِّنَا لَمَّا جَآءَتْنَا﴾ وهو خيرُ الأعمال وأصلُ المفاخر ليس مما يتأتى لنا العجول عنه طلباً لمرضاتك ثم أعرضوا عن مخاطبته إظهاراً لما في قلوبهم من العزيمة على ما قالوا وتقرير آلة ففزعوا إلى الله عزَّ وجلَّ وقالوا ﴿رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا﴾ أي أفِضْ علينا من الصبر ما يغمُرنا كما يغمرُ الماءُ أو صُبّ علينا ما يُطَهّرنا من أوضار الأوزار وأدناسِ الآثام وهو الصبرُ على وعيد فرعون ﴿وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ﴾ ثابتين على ما رزقتنا من الإسلام غيرَ مفتونين من الوعيد قيل فَعل بهم ما أوعدهم به وقيل لم يقدر عليه لقوله تعالى أَنتُمَا وَمَنِ اتبعكما الغالبون
﴿وَقَالَ الملا مِن قَوْمِ فِرْعَونَ﴾ مخاطِبين له بعد ما شاهدوا من أمر موسى عليه السلام ﴿أَتَذَرُ موسى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُواْ فِى الأرض﴾ أي في أرض مصر بتغير الناسِ عليك وصرفِهم عن متابعتك ﴿وَيَذَرَكَ﴾ عطفٌ على يُفسدوا أو جوابُ الاستفهام بالواو كما في قول الحطيئة... ألم أك جارك ويكونَ بيني وبينكم المودةُ والإخاء أي أيوكون منك تركُ موسى ويكونَ تركُه إياك وقرىء بالرفع عطفا على أتذر أو استئنافاً أو حالاً وقرىء بالسكون كأنه قيل يفسدوا ويذلك كقوله تعالى فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن ﴿وآلهتك﴾ ومعبوداتِك قيل إنه كان يعبد الكواكبَ وقيل صنع لقومه أصناماً وأمرهم بأن يعبُدوها تقرباً إليه ولذلك قال أنا ربكم الأعلى وقرىء وإلهتك أي عبادتَك ﴿قَالَ﴾ مجيباً لهم ﴿سَنُقَتّلُ أَبْنَاءهُمْ وَنَسْتَحْيِى نِسَاءهُمْ﴾ كما طكنا نفعل بهم ذلك من قبلُ ليُعلم أنا على ما كُنَّا عليه من القهر والغلبةِ ولا يُتَوَهّم أنَّه المولودُ الذي حكَم المنجمون والكهنةُ بذهاب مُلكِنا على يديه وقرىء سنقتل بالتخفيف ﴿وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قاهرون﴾ كما كنا لم يتغير حالُنا أصلاً وهم مقهورون تحت أيدينا كذلك...
﴿قَالَ موسى لِقَوْمِهِ﴾ تسليةً لهم وعِدةً بحسن العاقبة حين سمعوا قولَ فرعون وتضجّروا منه ﴿استعينوا بالله واصبروا﴾ على ما سمعتم من أقاويله الباطلة ﴿إِنَّ الارض للَّهِ﴾ أي أرضَ مصر أو جنس


الصفحة التالية
Icon