أي زادت أيُّكم زادتْه هذه الخ وإيرادُ الزيادةِ مع أنه لا إيمانَ فيهم أصلاً باعتبار اعتقادِ المؤمنين حسبما نطق به قوله تعالى إِنَّمَا المؤمنون الذين إِذَا ذُكِرَ الله وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ زَادَتْهُمْ إيمانا
﴿فَأَمَّا الذين آمنوا﴾ جوابٌ من جهته سبحانه وتحقيقٌ للحق وتعيينٌ لحالهم عاجلاً وآجلاً أي فأما الذين آمنوا بالله تعالى وبما جاء من عنده
﴿فَزَادَتْهُمْ إيمانا﴾ بزيادة العلمِ اليقينيِّ الحاصلِ من التدبر فيها والوقوفِ عَلى ما فَيها من الحقائق وانضمامِ إيمانِهم بما فيها بإيمانهم السابق
﴿وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ﴾ بنزولها وبما فيه من المنافع الدينيةِ والدنيويةِ
سورة براءة آية (١٢٥ ١٢٧)
﴿وَأَمَّا الذين فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ﴾ أي كفرٌ وسوءُ عقيدة
﴿فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إلى رِجْسِهِمْ﴾ أي كُفراً بها مضموماً إلى الكفر بغيرها وعقائدَ باطلةً وأخلاقاً ذميمةً كذلك
﴿وَمَاتُواْ وَهُمْ كافرون﴾ واستحكم ذلك إلى أن يموتوا عليه
﴿أَوْ لاَ يَرَوْنَ﴾ الهمزةُ للإنكار والتوبيخ والواوُ للعطفِ على مقدرٍ أي ألا ينظُرون ولا يرَوْن
﴿أَنَّهُمْ﴾ أي المنافقين
﴿يُفْتَنُونَ فِى كُلّ عَامٍ﴾ من الأعوام
﴿مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ﴾ والمرادُ مجردُ التكثيرِ لا بيانُ الوقوع حسب العدد المزبورِ أي يُبتلَوْن بأفانينِ البليات من المرض والشدةِ وغيرِ ذلك مما يذكّر الذنوبَ والوقوفَ بين يدي ربَّ العِزَّة فيؤدي إلى الإيمان به تعالى أو الجهاد مع رسول الله ﷺ فيعانون ما ينزل عليه من الآيات لا سيما القوارعُ الزائدة للإيمان الناعية عليه ما فيهم من القبائح المخزيةِ لهم
﴿ثُمَّ لاَ يَتُوبُونَ﴾ عطف على لا يَرَوْن داخلٌ تحت الإنكار والتوبيخِ وكذا قوله تعالى
﴿وَلاَ هُمْ يَذَّكَّرُونَ﴾ والمعنى أولا يَرَون افتتانَهم الموجبَ لإيمانهم ثم لا يتوبون عمَّا هُم عليهِ من النفاق ولا هم يتذكرون بتلك الفِتن الموجبةِ للتذكر والتوبة وقرئ بالتاء والخطاب للمؤمنين والهمزةُ للتعجيب أي ألا تظرون ولا ترَوْن أحوالَهم العجيبة التي هي افتتانُهم على وجه التتابعِ وعدمَ التنبّهِ لذلك فقوله تعالى ثُمَّ لاَ يَتُوبُونَ وما عطف عليه معطوفٌ على يفتنون
﴿وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ﴾ بيان لأحوالهم عند نزولِها وهم في محفل تبليغِ الوحي كما أن الأولَ بيانٌ لمقالاتهم وهم غائبون عنه
﴿نَّظَرَ بَعْضُهُمْ إلى بَعْضٍ﴾ تغامزوا بالعيون إنكاراً لها أو سخريةً بها أو غيظاً لما فيها من مخازيهم
﴿هَلْ يَرَاكُمْ مّنْ أَحَدٍ﴾ أي قائلين هل يراكم أحدٌ من المسلمين لننصرف مظهرين أنهم لا يصطبرون على استماعها ويغلبُ عليهم الضحِكُ فيفتَضِحون أو ترامقوا يتشاورون في تدبير الخروجِ والانسلال لو إذا يقولون هل يراكم من أحد إن قمتم من المجلس وإيرادُ ضمير الخطابِ لبعث المخاطَبين على الجد في انتهاز الفرصةِ فإن المرءَ بشأنه أكثرُ اهتماماً منه بشأن أصحابِه كما في قوله تعالى وَلْيَتَلَطَّفْ وَلاَ يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا وقيل المعنى وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ في عيوب


الصفحة التالية
Icon