عاصيةٍ بسبب ما أسلفت من الشر فيكون ما منصوبة بنزع الخافض وقرئ تتلو أي تتبع لأن عملَها هو الذي يهديها إلى طريق الجنةِ أو إلى طريق النارِ أو تقرأ في صحيفه أعمالِها ما قدمت من خير أو شر
﴿وَرُدُّواْ﴾ الضمير للذين أشركوا على أنه معطوفٌ على زيلنا وما عطف عليه قوله عز وجل ﴿هنالك تبلو﴾ الخ اعتراضٌ في أثناء الحكايةِ مقرّرٌ لمضمونها
﴿إِلَى الله﴾ أي إلى جزائه وعقابه
﴿مولاهم﴾ ربِّهم
﴿الحق﴾ أي المتحقق الصادِق ربوبيتُه لا ما اتخذوه ربا باطلا وقرئ الحقَّ بالنصب على المدح كقولهم الحمدُ لله أهلَ الحمدُ لله أهلَ الحمد أو على المصدر المؤكد
﴿وَضَلَّ عَنْهُم﴾ وضاع أي ظهر ضَياعُه وضلالُه لا أنه كان قبل ذلك غيرَ ضالٍ أو ضل في اعتقادهم أيضاً
﴿مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ﴾ من أن آلهتَهم تشفع لهم أو ما كانوا يدعون أنها آلهةٌ هذا وجُعل الضميرُ في رُدوا للنفوسِ المدلولِ عليها بكلِّ نفسٍ على أنه معطوفٌ على تبلو وأن العدولَ إلى الماضِي للدلالةِ على التحققِ والتقرر وأن إيثارَ صيغةِ الجمعِ للإيذان بأن ردّهم إلى الله يكون على طريقة الاجتماعِ لا يلائمه التعرُّض لوصف الحقيةِ في قوله تعالى مولاهم الحق فإنه للتعريض بالمردودين حسبما أشير إليه ولئن اكتُفيَ فيه بالتعريض ببعضهم أو حُمل الحقِّ على معنى العدل في الثواب والعقاب فقوله عز وجل وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ مما لا مجال فيه للتدارك قطعاً فإنَّ ما فيهِ من الضمائر الثلاثة للمشركين فيلزم التفكيكُ حتماً وتخصيصُ كلُّ نفس بالنفوس المشركة مع عموم البلوى للكل يأ باه مقامُ تهويلِ المقام والله تعالَى أعلمُ
سورة يونس (٣١)
﴿قُلْ﴾ أي لأولئك المشركين الذين حُكيت أحوالُهم وبيّن ما يؤدي إليه أعمالُهم احتجاجاً على حقية التوحيدِ وبُطلانِ ما هم عليه من الإشراك
﴿مَن يَرْزُقُكُم مّنَ السماء والارض﴾ أي منهما جميعاً فإن الأرزاقَ تحصُل بأسباب سماوية وموادَّ أرضيةٍ أو من كل واحدة منهما توسعةً عليكم وقيل مِنْ لبيان كلمة مَنْ على حذفِ المضافِ أي مِنْ أهل السماء والأرض
﴿أَم مَّنْ يَمْلِكُ السمع والابصار﴾ أمْ منقطعةٌ وما فيَها من كلمةِ بل للإضراب عن الاستفهام الأولِ لكنْ لا على طريقةِ الإبطالِ بل على وجه الانتقالِ وصرفِ الكلام عنه إلى استفهام آخرَ تنبيهاً على كفايته فيما هو المقصودُ أي من يستطيع خلقَهما وتسويتَهما على هذه الفطرة العجيبة أو من يحفظهما من الآفات مع كثرتها وسرعة انفعالِهما من أدنى شيءٍ يصيبهما
﴿وَمَن يُخْرِجُ الحى مِنَ الميت وَيُخْرِجُ الميت مِنَ الحى﴾ أي ومن يحيي ويميت أو ومن ينشىء الحيوانَ من النطفة والنطفةَ من الحيوان
﴿وَمَن يُدَبّرُ الامر﴾ أي ومن يلي تدبيرَ أمرِ العالم جميعاً وَهُوَ تعميمٌ بعدَ تخصيصِ بعضِ ما اندرج تحته من الأمور الظاهرةِ بالذكر
﴿فَسَيَقُولُونَ﴾ بلا تلعثم ولا تأخير
﴿الله﴾ إذ لا مجال للمكابرة لغاية وضوحِه والخبرُ محذوف أي الله يفعل ما ذُكر من الأفاعيلِ لا غيرُه فَقُلْ عند ذلك تبكيتاً لهم أَفَلاَ تَتَّقُونَ الهمزةُ لإنكار عدمِ الاتقاء بمعنى إنكار الواقعِ كَما في أتضربُ أباك لا بمعنى إنكارُ الوقوعِ كما في أأضرِب أبي والفاء للعطف على مقدر ينسحب عليه النظمُ الكريمُ أي أتعلمون ذلك فلا تقون