سورة يونس (٤٧ ٤٩) وقيل المذكورُ جوابٌ للشرط الثاني كأنه قيل فإلينا مرجعُهم فنريكَه في الآخرة وجوابُ الأول محذوفٌ لظهوره أي فذاك
﴿ثُمَّ الله شَهِيدٌ على مَا يَفْعَلُونَ﴾ من الأفعال السيئةِ التي حُكيت عنهم والمرادُ بالشهادة إما مقتضاها ونتيجتُها وهي معاقبتُه تعالى إياهم وإما إقامتُها وأداؤُها بإنطاق الجوارحِ وإظهارُ اسمِ الجلالةِ لإدخال الروعةِ وتربيةِ المهابةِ وتأكيدِ التهديد وقرئ ثَمّةَ أي هناك
﴿ولكل أمةٍ﴾ من الأمم الخالية
﴿رَّسُولٌ﴾ يُبعث إليهم بشريعة خاصةٍ مناسبة لأحوالهم ليدعُوَهم إلى الحق
﴿فَإِذَا جَاء رَسُولُهُمْ﴾ فبلغهم ما أُرسل به فكذبوه وخالفوه
﴿قُضِىَ بَيْنَهُمْ﴾ أي بين كلِّ أمةٍ ورسولِها
﴿بالقسط﴾ بالعدل وحُكم بنجاة الرسول والمؤمنين به وهلاك المكذِبين كقوله تعالى وَمَا كُنَّا مُعَذّبِينَ حتى نَبْعَثَ رَسُولاً
﴿وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ﴾ في ذلك القضاءِ المستوجِب لتعذيبهم لأنه من نتائج أعمالِهم أو ولكل أمةٍ من الأمم يوم القيامةِ رسولٌ تُنسَبُ إليه وتدعى به فإذا جاء رسولُهم الموقفَ ليشهدَ عليهم بالكفر والإيمان كقوله عز وجل وَجِىء بالنبيين والشهداء وَقُضِىَ بَيْنَهُمْ
﴿وَيَقُولُونَ متى هذا الوعد﴾ استعجالاً لما وُعدوا من العذاب على طريقة الاستهزاءِ به والإنكارِ حسبما يرشد إليه الجوابُ لا طلباً لتعيين وقتِ مجيئِه على وجه الإلزام كما في سورة الملك
﴿إِن كُنتُمْ صادقين﴾ أي في أنه يأتينا والخطاب للرسول ﷺ والمؤمنين الذين يتلون عليهم الآياتِ المتضمنةَ للوعد المذكورِ وجوابُ الشرط محذوفٌ اعتماداً على ما تقدم حسبما حُذف في مثلِ قولِه تعالى فائْتنِا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصادقين فإن الاستعجالَ في قوة الأمرِ بالإتيان عجلةً كأنه قيل فليأتنا عجَلةً إن كنتم صادقين ولِما فيه من الإشعار بكون إتيانِه بواسطة النبيِّ صلَّى الله عليهِ وسلم قيل
﴿قل لا أملك لنفسى ضَرّا وَلاَ نَفْعًا﴾ أي لا أقدِر على شيءٍ منهما بوجه من الوجوه وتقديمُ الضر لِما أن مساقَ النظمِ لإظهار العجزِ عنه وأما ذكرُ النفعِ فلتوسيع الدائرةِ تكملةً للعجز وما وقع في سورة الأعرافِ من تقديم النفعِ للإشعار بأهميته والمقامُ مقامُه والمعنى إني لا أملك شيئا من شئونى رداً وإيراداً مع أن ذلك أقربُ حصولاً فكيف أملك شئونكم حتى أتسبّبَ في إتيان عذابِكم الموعودِ
﴿إِلاَّ مَا شَاء الله﴾ استثناءٌ منقطعٌ أي ولكن ما شاء الله كائناً وحملُه على الاتصال على معنى إلا ما شاء الله أن املِكَه يأباه مقامُ التبُّرؤ من أن يكون له عليه السلام دخلٌ في إتيان الوعدِ فإن ذلك يستدعيى بيانَ كونِ المتنازَعِ فيه مما لا يشاء الله أن يملِكه عليه السلام وجعلُ ما عبارةً عن بعض الأحوالِ المعهودةِ المنوطةِ بالأفعال الاختياريةِ المفوضة إلى العباد على أن يكون المعنى لا أملك لنفسي شيئاً من الضر والنفعِ إلا ما شاء الله أن أملِكه منهما من الضر والنفعِ المترتبَيْن على أفعالى الاختيارية كالضر


الصفحة التالية
Icon