سورة يونس (٥١ ٥٢) للاستعجال فإن حقَّ المجرمِ أن يَهلك فزَعاً من إتيان العذابِ فضلاً عن استعجاله والجملةُ الشرطيةُ متعلقةٌ بأرأيتم والمعنى أخبروني إن أتاكم عذابُه تعالى أيَّ شيءٍ تستعجلون منه سبحانه والشيءُ لا يمكن استعجالُه بعد إتيانِه والمرادُ به المبالغةُ في إنكار استعجالِه بإخراجه من حيز الإمكانِ وتنزيلُه في الاستحالة منزلةَ استعجالِه بعد إتيانِه بناءً على تنزيل تقرر إتيانِه ودنوِّه منزلةَ إتيانه حقيقةً كما أشير إليه وهذا الإنكارُ بمنزلة النهي في قوله عز وعلا أتى أَمْرُ الله فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ خلا أن التنزيلَ هناك صريحٌ وهنا ضمنيٌّ كما في قول من قال لغريمه الذي يتقضّاه حقَّه أرأيتَ إن أعطيتُك حقَّك فماذا تطلُب مني يريد المبالغةَ في إنكار التقاضي بنظمه في سلك التقاضي بعد الإعطاءِ بناءً على تنزيل تقرّرِه منزلة نفسه وقوله عز وجل
﴿أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمنتم بِهِ﴾ إنكارٌ لإيمانهم بنزول العذابِ بعد وقوعِه حقيقةً داخلٌ مع ما قبله من إنكار استعجالِهم به بعد إتيانِه حكماً تحت القولِ المأمورِ به أي أبعد ما وقع العذابُ وحل بكم حقيقةً آمنتم به حين لا ينفعُكم الإيمان إنكارا لتأحيره إلى هذا الحد وإيذاناً باستتباعه للندم والحسرةِ ليُقلعوا عمَّا هُم عليهِ من العناد ويتوجهوا نحوَ التدارُك قبل فوتِ الوقتِ فتقديمُ الظرفِ للقصر وقيل ماذا يستعجل منه متعلِّقٌ بأرأيتم وجوابُ الشرطِ محذوفٌ أي تندموا على الاستعجال أو تعرِفوا خطأه والشرطيةُ اعتراضٌ مقرِّرٌ لمضمون الاستخبار وقيل الجوابُ قوله تعالى أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ الخ والاستفهاميةُ الأولى اعتراضٌ والمعنى أخبروني إن أتاكم عذابه آمنتم به بعد وقوعِه حين لا ينفعكم الإيمان ثم جيء بكلمة التراخي دِلالةً على الاستبعاد ثم زيد أداةُ الشرطِ دِلالةً على استقلاله بالاستبعاد على أن الأولَ كالتمهيد له وجىء بإذا مؤكد بما ترشيحاً لمعنى الوقوعِ وزيادةً للتجهيل وأنهم لم يومنوا إلا بعد أن لم ينفعْهم الإيمانُ البتةَ وقولُه تعالى
﴿الآن﴾ استئنافٌ من جهتِه تعالى غيرُ داخلٍ تحت القول الملقن مَسوقٌ لتقرير مضمونِ ما سبق على إرادةِ القولِ أيْ قيل لهم عند إيمانهم بعد وقوعِ العذاب آلآن آمنتم به إنكاراً للتأخير وتوبيخاً عليه ببيان أنه لم يكن ذلك لعدم سبق الإنذارِ به ولا للتأمل والتدبرِ في شأنه ولا لشيء آخر مما عسى يعد عذراً في التأخير بل كان ذلك على طريق التكذيبِ والاستعجالِ به على وجه الاستهزاءِ وقرىء آلان بحذف الهمزةِ وإلقاءِ حركتِها على اللام وقوله تعالى
﴿وَقَدْ كُنتُم بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ﴾ أي تكذيباً واستهزاءً جملةٌ وقعتْ حالاً من فاعل آمنتم المقدرِ لتشديد التوبيخِ والتقريعِ وزيادةِ التنديمِ والتحسيرِ وتقديم الجار والمجرور على الفعل لمراعاة الفواصلِ دون القصرِ وقوله تعالى
﴿ثُمَّ قِيلَ﴾ الخ تأكيدٌ للتوبيخ والعتابِ بوعيد العذابِ والعقابِ وهو عطفٌ على ما قدّر قبل آلآن
﴿الذين ظلموا﴾ أى وضعوا الكفرُ والتكذيبُ موضعَ الإيمان والتصديقِ أو ظلُموا أنفسَهم بتعريضِها للعذابِ والهلاكِ ووضعُ الموصولِ موضعَ الضميرِ لذمِّهم بما في حيزِ الصلة والإشعارِ بعلّيته لإصابة ما أصابهم ذُوقُواْ عَذَابَ الخلد المؤلمَ على الدوام
﴿هَلْ تُجْزَوْنَ﴾ اليوم
﴿إِلاَّ بِمَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ﴾ في الدنيا منْ أصنافِ الكفرِ والمَعَاصي التي من جملتها ما مر من