سورة يونس (٩٤) (٩٥) (٩٦) في نواحيهما حسبما نطقَ به قولهُ تعالى ﴿وَأَوْرَثْنَا القوم الذين كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ مشارق الارض ومغاربها التى بَارَكْنَا فِيهَا﴾
﴿وَرَزَقْنَاهُمْ مّنَ الطيبات﴾ أي اللذائذِ
﴿فَمَا اختلفوا﴾ في أمر دينهم
﴿حتى جَاءهُمُ العلم﴾ أي إلا بَعْدِ مَا جَاءهُمُ العلم بقراءتهم التوارة وعلمِهم بأحكامها أو في أمر محمدٍ صلَّى الله عليهِ وسلم إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا علموا صدق نبوته وتظاهر معجزاته فالمراد بالمختلفين أعقابهم الذين كانوا في عصر النبيِّ صلَّى الله عليهِ وسلم
﴿إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِى بَيْنَهُمْ يَوْمَ القيامة فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾ فيميزُ بين المُحِق والمُبطلِ بالإثابة والتعذيب
﴿فَإِن كُنتَ فِي شَكّ﴾ أي في شك ما يسير على الفرْض والتقدير فإن مضمونَ الشرطيةِ إنما هو تعليقُ شيءٍ بشيء من غير تعرُّضٍ لإمكان شيءٍ منهما كيف لا وقد يكون كلاهما ممتنعاً كقوله عز وجل قُلْ إِن كَانَ للرحمن وَلَدٌ فَأَنَاْ أَوَّلُ العابدين وقوله تعالى لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ ونظائرِهما
﴿مّمَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ﴾ من القصص التي من جملتها قصةُ فرعون وقومِه وأخبارُ بني إسرائيل
﴿فاسأل الذين يقرؤون الكتاب مِن قَبْلِكَ﴾ فإن ذلك محققٌ عندهم ثابتٌ في كتبهم حسبما ألقَينا إليك والمراد إظهار نبوته ﷺ بشهادة الأحبارِ حسبما هو المسطورُ في كتبهم وإن لم يكن إليه حاجة أصلاً أو وصفُ أهلِ الكتاب بالرسوخ في العلم بصحة نبوته ﷺ أو تهييجه ﷺ وزيادةِ تثبيتهُ على ما هو عليه من اليقين لا تجويزِ صدورِ الشك منه ﷺ ولذلك قال ﷺ لا أشُكُّ ولا أسأَلُ وقيل المراد بالموصول مؤمنوا أهلِ الكتابِ كعبدِ اللَّه بن سلام وتميمٍ الداري وكعبٍ وأضرابِهم وقيل الخطابُ للنبى ﷺ والمرادُ أمتُه أو لكل من يسمع أي إن كنت أيها السامعُ في شك مما أنزلنا إليك على لسان نبيِّنا وفيه تنبيهٌ على أن من خالجتْه شبهةٌ في الدين ينبغي أن يسارِعَ إلى حلها بالرجوع إلى أهل العلم وقرئ فاسأل الذين يقرءون الكتب
﴿لَقَدْ جَاءكَ الحق﴾ الذي لا محيدَ عنه ولا ريبَ في حقيته
﴿مِن رَبّكَ﴾ وظهرَ ذلك بالآيات القاطعةِ التي لا يحوم حولَها شائبةُ الارتيابِ وفي التعرض لعنوان الربوبية مع الإضافة إلى ضميره ﷺ من التشريف ما لا يخفى
﴿فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الممترين﴾ بالتنزلزل عما أنت عليه من الجزم واليقينِ ودُمْ على ذلك كما كنت من قبل
﴿وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الذينَ كَذَّبُواْ بآياتِ الله﴾ منْ بابِ التَّهييج والإلهابِ والمرادُ به إعلامُ أن التكذيبَ من القُبحِ والمحذوريةِ بحيث ينبغي أن يُنهى عنه من لا يُتصورُ إمكانُ صدورُه عنه فكيف بمن يمكن اتصافُه به وفيه قطعٌ لأطماع الكفرة
﴿فَتَكُونَ﴾ بذلك
﴿مّنَ الخاسرين﴾ أنفساً وأعمالاً
﴿إِنَّ الذين حَقَّتْ عَلَيْهِمْ﴾ شروعٌ في بيان سرِّ إصرارِ الكفرة على ما هم عليه من الكفر والضلالِ أي ثبتت ووجبتْ بمقتضى المشيئةِ المبْنيةِ على الحكمةِ البالغة
﴿كَلِمَةُ رَبِّكَ﴾ حكمُه وقضاؤه