يوسف الآية (٨٢ ٨٤) نلاقيَ هذا الأمر أو أنك تصاب به كما أصبت بيوسف
﴿واسأل القرية التى كُنَّا فِيهَا﴾ أي مصرَ أو قريةً بقربها لحِقهم المنادي عندها أي أرسلْ إلى أهلها واسألهم عن القصة
﴿والعير التى أَقْبَلْنَا فِيهَا﴾ أي أصحابَها فإن القصة معروفةٌ فيما بينهم وكانوا قوماً من كنعان من جيران يعقوبَ عليه السلام وقيل من صنعاء
﴿وِإِنَّا لصادقون﴾ تأكيدٌ في محل القسم
﴿قَالَ﴾ أي يعقوبُ عليه السلام وهو استئنافٌ مبني على سؤال نشأ مما سبق فكأنه قيل فماذا كان عند قولِ المتوقّف لإخوته ما قال فقيل قال يعقوبُ عندما رجَعوا إليه فقالوا له ما قالوا وإنما حُذف للإيذان بأن مسارعتَهم إلى قبوله ورجوعَهم به إلى أبيهم أمرٌ مسلَّم غنيٌّ عن البيان وإنما المحتاجُ إليه جوابُ أبيهم
﴿بَلْ سَوَّلَتْ﴾ أي زيّنت وسهّلت وهو إضرابٌ لا عن صريح كلامهم فإنهم صادقون في ذلك بل عما يقتضيه من ادعاء البراءة عن التسبب فيما نزل به وأنه لم يصدرُ عنهم ما يؤدي إلى ذلك من قولٍ أو فعلٍ كأنه قيل لم يكُنِ الأمرُ كذلكَ بل زينت
﴿لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا﴾ من الأمور فأتيتموه يريد بذلك فُتياهم بأخذ السارق بسرقته
﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ﴾ أي فأمري صبر جميل أو فصبر جميل أجملُ
﴿عَسَى الله أَن يَأْتِيَنِى بِهِمْ جَمِيعًا﴾ بيوسف وأخيه والمتوقِّف بمصر
﴿إِنَّهُ هُوَ العليم﴾ بحالي وحالهم
﴿الحكيم﴾ الذي لم يبتلِني إلا لحكمة بالغة
﴿وتولى﴾ أي أعرض
﴿عَنْهُمْ﴾ كراهةً لما سمع منهم
﴿وقال يا أسفى على يُوسُفَ﴾ الأسفُ أشدُّ الحزن والحسرةُ أضافه إلى نفسه والألفُ بدلٌ من الياء فناداه أي يا أسفي تعالى فهذا أوانك وإنما أسف على يوسف مع أن الحادثَ مصيبةٌ أخويه لأن رُزْأَه كان قاعدةَ الأرزاءِ غضاً عنده وإن تقادم عهده آخذاً بمجامع قلبه لا ينساه ولأنه كان واثقاً بحياتهما عالماً بمكانهما طامعاً في إيابهما وأما يوسفُ فلم يكن في شأنه ما يحرك سلسلةَ رجائِه سوى رحمةِ الله تعالى وفضلِه وفي الخبر لم تُعطَ أمةٌ من الأمم إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجعون إلا أمةُ محمدٍ صلَّى الله عليهِ وسلم ألا يُرى إلى يعقوبَ حين أصابه ما أصابه لم يسترجِعْ بل قال ما قال والتجانسُ بين لفظي الأسَف ويوسف مما يزيد النظمَ الكريم بهجةً كما في قوله عز وجل وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وقوله اثاقلتم إِلَى الارض أَرَضِيتُم وقوله ثُمَّ كُلِى مِن كُلّ الثمرات وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ ونظائرها
﴿وابيضت عَيْنَاهُ مِنَ الحزن﴾ الموجبِ للبكاء فإن العَبْرة إذا كثُرت محقَت سوادَ العين وقلبتْه إلى بياض كدِر قيل قد عميَ بصرُه وقيل كان يدرك إدراكاً ضعيفاً روي أنه ما جفّت عينا يعقوبَ من يوم فراقِ يوسفَ إلى حين لقائه ثمانين عاماً وما على وجه الأرض أكرمُ على الله عزَّ وجلَّ من يعقوبَ عليه السلام وعن رسول الله ﷺ أنه سأل جبريلَ عليه السلام ما بلغ من وجد يعقوبَ عليه السلام