يوسف الآية (٩٧ ٩٨ ٩٩) فإن مدارَ النهي المذكورِ إنما هو العلمُ الذي أوتي يعقوبُ من جهة الله سبحانه وعلى هَذا يجوزُ أنْ يكون هذا مقولَ القولِ أي ألم أقل لكم حين أرسلتكم إلى مصرَ وأمرتُكم بالتحسس ونهيتُكم عن اليأس من رَوْح الله تعالى وأعلم من الله ما لا تعلمون من حياة يوسف عليه الصلاة والسلام روي أنه سأل البشيرَ كيف يوسف فقال هو ملِكُ مصرَ قال ما أصنع بالمُلك على أي دينٍ تركتَه قال على دين الإسلام قال الآن تمت النِّعمة
﴿قَالُواْ يَا أَبَانَا استغفر لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خاطئين﴾ ومن حق من اعترف بذنبه أن يُصفح عنه ويُستغفرَ له فكأنهم كانوا على ثقة من عفوه عليهِ الصلاةُ والسلامُ ولذلكَ اقتصروا على استدعاء الاستغفار وأدرجوا ذلك في الاستغفار
﴿قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبّى إِنَّهُ هُوَ الغفور الرحيم﴾ وهذا مُشعرٌ بعفوه قيل أخّر الاستغفارَ إلى وقت السحر وقيل إلى ليلة الجمعة ليتحرّى به وقت الإجابة وقيل أخّره إلى أن يستحِلَّ لهم من يوسف عليه الصلاة والسلام أو يعلم أنه قد عفا عنهم فإن عفوَ المظلوم شرطُ المغفرة ويعضُده أنه روي عنه أنه استقبل القِبلة قائماً يدعو وقام يوسفُ خلفه يؤمّن وقاموا خلفَهما أذلةً خاشعين عشرين سنة حتى بلغ جهدَهم وظنوا أنها الهلكة نزل جبريل عليه الصلاة والسلام فقال إن الله قد أجاب دعوتَك في ولدك وعقد مواثيقهم بعدك على النبوة فإن صح ثبتت نبوتُهم وإن ما صدر عنهم إنما صدر قبل الاستنباء وقيل المرادُ الاستمرارُ على الدعاء فقد روي أنه كان يستغفر كلَّ ليلةِ جمعةٍ في نيّف وعشرين سنة وقيل قام إلى الصلاة في وقت السحر فلما فرَغ رفع يديه فقال اللهم اغفِرْ لي جزَعي على يوسف وقلةَ صبري عنه واغفِر لولدي ما أتوا إلى أخيهم فأوحى الله إليه أن الله قد غفر لك ولهم أجمعين
﴿فَلَمَّا دَخَلُواْ على يُوسُفَ﴾ روي أنه وجّه يوسفُ إلى أبيه جَهازاً ومائتي راحلةٍ ليتجهز إليه بمن معه فاستقبله يوسفُ والملكُ في أربعة آلاف من الجند والعُظماء وأهلِ مصرَ بأجمعهم فتلقوا يعقوب عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ وهو يمشي متوكئاً على يهوذا فنظر إلى الخيل والناس فقال يا يهوذا أهذا فرعونُ مصرَ قال لا بل ولدُك فلما لقيه قال عليه الصلاة والسلام السلامُ عليك يا مذهبَ الأحزان وقيل قال له يوسف يا أبت بكَيتَ عليّ حتى ذهب بصرُك ألم تعلم أن القيامةَ تجمعنا فقال بلى ولكني خشِيتُ أن يسلَبَ دينُك فيُحالَ بيني وبينك وقيل إن يعقوبَ وولدَه دخلوا مصرَ وهم اثنان وسبعون ما بين رجلٍ وامرأةٍ وكانوا حين خرجوا مع موسى ستَّمائةِ ألفٍ وخمسَمائةٍ وبضعةً وسبعين رجلاً سوى الذرية والهرمى وكانت الذريةُ ألفَ ألفٍ ومائتي ألف
﴿آوى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ﴾ أي أباه وخالتَه وتنزيلُها منزلةَ الأمِّ كتنزيل العمِّ منزلةَ الأب في قولِه عزَّ وجلَّ وإله آبائك إبراهيم وإسمعيل وإسحق أو لأن يعقوب عليه الصلاة والسلام تزوّجها بعد أمّه وقال