رضيَ الله عنه أنَّه قال رسولُ الله ﷺ أسلمُ وغفارٌ وشيءٌ من جُهينةَ ومُزينةَ خيرٌ عند الله يومَ القيامة من تميمٍ وأسدِ بنِ خزيمةَ وهوازن وغطفان
سورة براءة آية (١٠٠ ١٠١)
﴿والسابقون الاولون مِنَ المهاجرين﴾ بيانٌ لفضائل أشرافِ المسلمين إثرَ بيانِ فضيلةِ طائفةٍ منهم والمرادُ بهم الذينَ صلَّوا إلى القبلتينِ أو الذين شهِدوا بدْراً أو الذين أسلموا قبل الهجرة
﴿والانصار﴾ أهلُ بَيْعةِ العقبةِ الأولى وكانوا سبعة نفر وأهل بيعة العقبة الثانية وكانوا سبعين رجلا والذي آمنوا حين قدم عليهم أبو زُرارةَ مصعبُ بنُ عمير وقرىء بالرفع عطفا على والسابقون
﴿والذين اتبعوهم بِإِحْسَانٍ﴾ أي ملتبسين به والمرادُ به كلُّ خَصلةٍ حسنة وهم اللاحقون بالسابقين من الفريقين على أن مَنْ تبعيضيةٌ أو الذين اتبعوهم بالإيمان والطاعةِ إلى يوم القيامة فالمرادُ بالسابقين جميعُ المهاجرين والأنصارِ ومن بيانية
﴿رَّضِىَ الله عَنْهُمْ﴾ خبر للمبتدأ أي رضي الله عنهم بقَبول طاعتِهم وارتضاءِ أعمالِهم
﴿وَرَضُواْ عَنْهُ﴾ بما نالوه من رضاه المستتبِعِ لجميع المطالبِ طراً
﴿وَأَعَدَّ لَهُمْ﴾ في الآخرةِ
﴿جنات تَجْرِى تحتها الأنهار﴾ وقرئ من تحتها كما في سائر المواقع
﴿خالدين فِيهَا أبدا﴾ من غير انتهاء
﴿ذلك الفوز العظيم﴾ الذِي لاَ فوزَ وراءه وما في إسمِ الإشارةِ من معنى البُعد لبيان بُعدِ منزلتِهم في مراتب الفضلِ وعظمِ الدرجةِ من مؤمني الأعراب
﴿وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مّنَ الاعراب﴾ شروعٌ في بيان أحوالِ منافقي أهلِ المدينة ومن حولها من الأعراب بعد بيانِ حالِ أهلِ الباديةِ منهم أي ممن حول بلدتِكم
﴿منافقون﴾ وهم جهينةُ ومزينةُ وأسلمُ وأشجَعُ وغفارٌ كانوا نازلين حولها
﴿وَمِنْ أَهْلِ المدينة﴾ عطفٌ على ممن حولكم عطفَ مفردٍ على مفرد وقوله تعالى
﴿مَرَدُواْ عَلَى النفاق﴾ إما جملةٌ مستأنفةٌ لا محلَّ لها من الإعراب مَسوقةٌ لبيان غلوِّهم في النفاق إثرَ بيانِ اتصافِهم به وإما صفةٌ للمبتدأ المذكورِ فُصل بينها وبينه بما عُطفَ على خبره وإن صفةٌ لمحذوف أقيمت هي مُقامه وهو مبتدأ خبرُه من أهل المدينة كما في قوله... إِنَّا ابن جلا وطلاع الثنايا...
والجملةُ عطف على الجملة السابقة أي ومن أهل المدينةِ قومٌ مردوا على النفاق أي تمهّروا فيه من مرَن فلانٌ على عمله ومرَد عليه إذا درب به وضرِي حتى لانَ عليه ومهَر فيه غير أن مرَدَ لا يكادُ يُستعمل إلا في الشر فالتمرّدُ على الوجهين الأولين شاملٌ للفريقين حسب شمولِ النفاقِ وعلى الوجه الأخير خاصٌّ بمنافقي أهلِ المدينةِ وهو الأظهر والأنسبُ بذكر منافقي أهلِ البادية أولاً ثم ذكرِ منافقي الأعرابِ المجاورين للمدينة ثم ذكرِ منافقي أهلِها والله تعالى أعلم وقوله عز شأنه
﴿لاَ تَعْلَمُهُمْ﴾ بيانٌ لتمرّدهم أي لا تعرفِهم أنت لكن لا بأعيانهم وأسمائِهم وأنسابِهم بل بعنوان نفاقِهم يعني أنهم بلغوا من المهارة في النفاق والتنوُّق في مراعاة التقيةِ