النحل ٢٤ ٢٦ لا يحب جنسَ المستكبرين فكيف بمن استكبر عما ذكر
﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ﴾ أي لأولئك المنكِرين المستكبرين وهو بيانٌ لإضلالهم غِبَّ بيانِ ضلالهم ﴿مَّاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ﴾ القائلُ الوافدون عليهم أو المسلمون أو بعضٌ منهم على طريق التهكم وماذا منصوبٌ بما بعده أو مرفوع أي أيَّ شيءٍ أنزل أو ما الذي أنزله ﴿قَالُواْ أساطير الأولين﴾ أي ما تدّعون نزوله والمنزلُ بطريق السخرية أحاديثُ الأولين وأباطيلهم وليس من الإنزال في شيء قيل هؤلاء القائلون هم المقتسمون الذين اقتسموا مداخل مكة ينفِّرون عن رسول الله ﷺ عند سؤال وفودِ الحاجِّ عما نزل عليه صلى الله عليه وسلم
﴿لِيَحْمِلُواْ﴾ متعلق بقالوا أي قالوا ما قالوا ليحملوا ﴿أَوْزَارَهُمْ﴾ الخاصةَ بهم وهي أوزارُ ضلالهم ﴿كَامِلَةٌ﴾ لم يكفَّرْ منها شيءٌ بنكبة أصابتهم في الدنيا كما يكفّر بها أوزارُ المؤمنين ﴿يَوْمُ القيامة﴾ ظرفٌ ليحمِلوا ﴿وَمِنْ أَوْزَارِ الذين يُضِلُّونَهُمْ﴾ وبعضِ أوزارِ مَنْ ضل بإضلالهم وهو وِزرُ الإضلال لأنهما شريكان هذا يُضله وهذا يطاوعه فيتحاملان الوزر واللام للتعليل في نفس الأمر من غير أن يكون غرضاً وصيغةُ الاستقبال الدلالة على استمرار الإضلالِ أو باعتبار حال قولِهم لا حالِ الحمل ﴿بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ حالٌ من الفاعل أي يضلونهم غيرَ عالمين بأن ما يدْعون إليه طريقٌ الضلال وأمَّا حملُه على مَعْنَى غيرَ عالمين بأنهم يحمِلون يوم القيامة أوزارَ الضلال والإضلال على أن يكونَ العاملُ في الحال قالوا وتأييده بما سيأتي م قوله تعالى وأتاهم العذاب مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ من حيث إن مَنْ حملِ ما ذكر من أوزار الضلالِ والإضلال من قبيل إتيانِ العذاب مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ فيردُّه أن الحملَ المذكورَ إنما هو يوم القيامة والعذابَ المذكور إنما هو العذابُ الدنيوي كما ستقف عليه أوحال من المفعول أي يضلون من لا يعلم أنهم ضُلاّلٌ وفائدةُ التقييد بها الإشعارُ بأن مكرهم لا يرُوج عند ذي لُب وإنما يتبعهم الأغبياءُ والجهلة والتنبيهُ على أن جهلَهم ذلك لا يكون عذراً إذ كان يجبُ عليهم أنْ يبحثوا ويميزوا بين المحق الحقيقِ بالاتباع وبين المُبطل ﴿أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ﴾ أي بئس شيئاً يَزِرُونه ما ذكر
﴿قَدْ مَكَرَ الذين مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ وعيدٌ لهم برجوع غائلة مكرِهم إلى أنفسهم كدأبِ مِن قَبْلِهِم منَ الأممِ الخاليةِ الذين أصابهم ما أصابهُم من العذابِ العاجل أي قدسوا منصوباتٍ ليمكروا بها رسلَ الله تعالى ﴿فَأَتَى الله﴾ أي أمر هـ وحكمه ﴿بنيانهم﴾ وقرئ بيتهم وبيوتهم ﴿مّنَ القواعد﴾ وهي الأساطينُ التي تعمِده أو أساسُه فضعضَعَتْ أركانَه ﴿فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السقف مِن فَوْقِهِمْ﴾ أي سقط عليهم سقفُ بنيانهم إذ لا يتصور له القيام