النحل ٧٣ ٧٤ أي من جنسكم ﴿أزواجا﴾ لتأنَسوا بها وتقيموا بذلك جميعَ مصالحِكم ويكون أولادُكم أمثالَكم وقيل هو خلقُ حواءَ من ضِلْع آدمَ عليه الصلاة والسلام ﴿وَجَعَلَ لَكُمْ مّنْ أزواجكم﴾ وُضع الظاهرُ موضعَ المُضمرِ للإيذان بأن المرادَ جعلَ لكل منكم من زوجه لا من زوج غيره ﴿بنين﴾ وبأن نتيجةَ الأزواج هو التوالد ﴿وَحَفَدَةً﴾ جمعُ حافد وهو الذي يُسرع في الخِدمة والطاعة ومنه قولُ القانت وإليك نسعى ونحفد أي جعل لكم خدماً يسرعون في خدمتكم وطاعتِكم فقيل المرادُ بهم أولادُ الأولاد وقيل البناتُ عبّر عنهن بذلك إيذاناً بوجه المنة فإنهن يخْدُمن البيوت أتمَّ خدمة وقيل أولادُ المرأة من الزوج الأول وقيل البنون والعطفُ لاختلاف الوصفين وقيل الأختان على البنات وتأخيرُ المنصوب في الموضعين عن المجرور لما مر من التشويق وتقديمُ المجرور باللام على المجرور بمن للإيذانِ من أولِ الأمرِ بعَود منفعة الجعل إليهم إمداد للتشويق وتقويةً له أي جعل لمصلحتكم مما يناسبكم أزواجاً وجعل لمنفعتكم من جهة مناسبةٍ لكم بنين وحفَدة ﴿وَرَزَقَكُم مّنَ الطيبات﴾ من اللذائذ أو من الحلالات ومن للتبعيض إذ المرزوقُ في الدنيا أنموذجٌ لما في الآخرة ﴿أفبالباطل يُؤْمِنُونَ﴾ وهو أن الأصنامَ تنفعهم وأن البحائرَ ونحوها حرامٌ والفاء في المعنى داخلةٌ على الفعل وهي للعطفِ على مقدَّرٍ أي أيكفرون بالله الذي شأنُه هذا فيؤمنون بالباطل أو أبعد تحقق ما ذكر من نعمِ الله تعالَى بالباطل يؤمنون دون الله سبحانه ﴿وبنعمة الله﴾ تعالى الفائضةِ عليهم مما ذكر ومما لا يحيطُ بهِ دائرةُ البيان ﴿هُمْ يَكْفُرُونَ﴾ حيث يضيفونها إلى الأصنام وتقديمُ الصلة على الفعل للاهتمام أو لإيهام الاختصاص مبالغةً أو لرعاية الفواصل والالتفاتُ إلى الغَيبة للإيذانِ باستيجاب حالِهم للإعراض عنهم وصرفِ الخطاب إلى غيرهم من السامعين تعجيباً لهم مما فعلوه
﴿وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله﴾ لعله عطفٌ على يكفرون داخلٌ تحت الإنكار التوبيخيّ أي أيكفرون بنعمة الله ويعبدون مِن دونه ﴿مَا لاَ يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقًا من السماوات والأرض شَيْئاً﴾ إنْ جُعل الرزقُ مصدراً فشيئاً نُصب على المفعولية منه أي فنصْبٌ على البدلية منه بمعنى قليلاً ومن السموات مطراً ولا من الأرض نباتاً وإن جُعل اسماً للمرزوق فنصْبٌ على البدلية منه بمعنى قليلاً ومن السموات والأرض صفةٌ لرزقاً أي كائناً منهما ويجوز كونه تأكيداً لِلا يملك أي لا يملك رزقاً ما شيئاً من الملك ﴿وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ﴾ أن يملكوه إذ لا استطاعةَ لهم رأساً لأنها مَواتٌ لا حَراك بها فالضميرُ للآلهة ويجوز أن يكون للكفرة على معنى أنهم مع كونهم أحياءً متصرفين في الأمور لا يستطيعون من ذلك شيئاً فكيف بالجماد الذي لا حِسّ به
﴿فلا تضربوا لله الأمثال﴾ التفاتٌ إلى الخطاب للإيذان بالاهتمام بشأن النهي أي لا تشركوا به شيئاً والتعبيرُ عن ذلك بضرب المثَل للقصد إلى النهي عن الإشراك به تعالى في شأن من الشئون فإن ضربَ المثلِ مبناه تشبيهُ حالة بحالة وقصةٍ بقصة أي لا تُشَبّهوا بشأنه تعالى شأناً من الشئون واللامُ مَثَلُها في قولِه تعالَى ضَرَبَ الله مَثَلاً لّلَّذِينَ كَفَرُواْ امرأة نُوحٍ وَضَرَبَ الله مَثَلاً للذين آمنوا امرأة فِرْعَوْنَ لا مثلُها في قولِه تعالَى واضرب لَهُمْ مَّثَلاً أصحاب القرية


الصفحة التالية
Icon