الإسراء ٥٢ ٥٥ لعسى وهي تامة أي عسى كونُه قريباً أو وقوعُه في زمان قريب
(يَوْمَ يَدْعُوكُمْ) منصوب بفعل مضمر أي اذكروا أو على أنه بدلٌ من قريباً على أنه ظرفٌ أو بيكونَ تامةً بالاتفاق أو ناقصةً عند من يجوّز إعمالَ الناقصة في الظروف أو بضمير المصدرِ المستكنِّ في عسى أو يكون أعني البعث عند من يجوز إعمالَ ضمير المصدر كما في قولِ زُهيرٍ... وما الحربُ إلا ما علمتمْ وذُقتم... وما هو عنها بالحديث المُرجّمِ...
فهو ضميرُ المصدر وقد تعلق به ما بعدَهُ من الجار (فَتَسْتَجِيبُونَ) أي يوم يبعثكم فتُبعثون وقد استُعير لهما الدعاءُ والإجابة إيذاناً بكمال سهولةِ التأتّي وبأن المقصودَ منهما الإحضارُ للمحاسبة والجواب (بِحَمْدِهِ) حال من ضمير تستجيبون أي منقادين له حامدين لما فَعل بكم غيرَ مستعصين أو حامدين له تعالى على كمال قدرتِه عند مشاهدة آثارها ومعاينةِ أحكامها (وَتَظُنُّونَ) عطف على تستجيبون أي تظنون عند ما ترون ما ترَوْن من الأمور الهائلة (إِن لَّبِثْتُمْ) أي ما لبثتم في القبور (إِلاَّ قَلِيلاً) كالذي مَرَّ على قَرْيَةٍ أو ما لبثتم في الدنيا
(وَقُل لّعِبَادِى) أي المؤمنين (يَقُولُواْ) عند محاورتِهم مع المشركين (التى) أي الكلمةَ التي (هِىَ أَحْسَنُ) ولا يخاشنوهم كقوله تعالى وَلاَ تجادلوا أَهْلَ الكتاب إِلاَّ بالتى هِىَ أَحْسَنُ (إِنَّ الشيطان يَنزَغُ بَيْنَهُمْ) أي يُفسد ويَهيج الشر والمِراء ويُغري بعضَهم على بعض لتقع بينهم المشاقّةُ والمشارّة والمعارة والمضارّة فلعل ذلك يؤدي إلى تأكد العِناد وتمادي الفساد فهو تعليلٌ للأمر السابق وقرئ بكسر الزاء (إِنَّ الشيطان كَانَ) قدماً (للإنسان عَدُوّا مُّبِينًا) ظاهرَ العداوةِ وهو تعليلٌ لما سبق من أن الشيطان ينزَغ بينهم
(رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِن يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ) بالتوفيق للإيمان (أَوْ إِن يَشَأْ يُعَذّبْكُمْ) بالإمانة على الكفر وهذا تفسيرُ التي هي أحسنُ وما بينهما اعتراضٌ أيْ قولوا لهم هذه الكلمةَ وما يشاكلها ولا تصرحوا بأنهم من أهل النار فإنه مما يَهيجهم على الشر مع أن العاقبَة مما لا يعلمُه إلا الله سبحانه فعسى يهديهم إلى الإيمان (وَمَا أرسلناك عَلَيْهِمْ وَكِيلاً) موكولاً إليك أمورُهم تقسِرهم على الإيمان وإنما أرسلناك بشيراً ونذيراً فدارِهم ومُرْ أصحابَك بالمداراة والاحتمال وترك المُحاقّة والمشاقّة وذلك قبل نزول آيةِ السيف وقبل نزلتْ في عمرَ رضيَ الله عنه شتمه رجلٌ فأُمر بالعفو وقيل أفرط أذيةُ المشركين بالمؤمنين فشكَوا إلى رسول الله ﷺ فنزلت وقيل الكلمة التي هي أحسنُ أن يقولوا يهديكم الله ويرحمكم الله
(وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِى المسوات والأرض)