الإسراء ٨٩ ٩٢ أي في تحقيق ما يتوخَّوْنه من الإتيان بمثله وهو عطفٌ على مقدرٍ أي لا يأتون بمثله لو لم يكن بعضُهم ظهيراً لبعض ولو كان الخ وقد حُذف المعطوفُ عليه حذفاً مطّرداً لدِلالة المعطوفِ عليه دِلالةً واضحةً فإن الاتيان بمثله حيث انتفى عند التظاهرِ فلأَنْ ينتفيَ عند عدِمه أولى وعلى هذه النكتةِ يدورُ ما في إنْ ولو الوصليتين من التأكيد كما مر غيرَ مرة ومحلُّه النصبُ عَلى الحاليّةِ حسبما عُطف عليه أي لا يأتون بمثله على كل حالٍ مفروضٍ ولو في هذه الحال المنافيةِ لعدم الإتيانِ به فضلاً عن غيرها وفيه حسمٌ لأطماعِهم الفارغةِ في رَوْم تبديل بعض آياتِه ببعض ولا مساغَ لكون الآية تقريراً لما قبلها من قوله تعالى ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلاً كما قيل لكن لا لِما قيلَ من أن الإتيانَ بمثله أصعبُ من استرداد عينِه ونفيُ الشيء إنما يقرره نفي مادونه لانفي مافوقه فإن أصعبيةَ الاستردادِ بغير أمرِه تعالى من الإتيان بمثله مما لا شُبهةَ فيه بل لأن الجملةَ القسميةَ ليست مَسوقةً إلى النبيِّ صلَّى الله عليهِ وسلم بل إلى المكابرين من قبله صلى الله عليه وسلم
(وَلَقَدْ صَرَّفْنَا) كررنا وردّدنا على أنحاءٍ مختلفةٍ توجب زيادةَ تقريرٍ وبيان ووَكادةِ رسوخٍ واطمئنان (لِلنَّاسِ فِى هذا القرآن) المنعوتُ بما ذُكِرَ من النعوتِ الفاضلة (مِن كُلّ مَثَلٍ) من كل معنى بديع هو في الحسنُ والغرابةُ واستجلابُ النفسِ كالمَثَل ليتلقَّوْه بالقبول (فأبى أَكْثَرُ الناس (أوثر الإظهارُ على الإضمار تأكيداً وتوضيحاً (إِلاَّ كُفُورًا) أي إلا جُحوداً وإنما صح الاستثناءُ من الموجبُ مع أنه لا يصِح ضربتُ إلا زيداً لأنه متأوّل بالنفي كأنه قيل ما قَبِل أكثرُهم إلا كفوراً وفيه من المبالغة ما ليس في أبو الإيمانَ لأن فيه دِلالةً على أنهم لم يرضَوا بخَصلة سوى الكفورِ من الإيمان والتوقفِ في الأمر ونحو ذلك وأنهم بالغوا في عدم الرضا حتى بلغوا مرتبةَ الإباءِ
(وَقَالُواْ) عند ظهور عجزهم ووضوحِ مغلوبيّتِهم بالإعجاز التنزيليّ وغيرِه من المعجزات الباهرةِ متعللين بما لا يمكن في العادة وجودُه ولا تقتضي الحكمةُ وقوعَه من الأمور كما هو دَيدَنُ المبهوتِ المحجوج (لَن نُّؤْمِنَ لك حتى تفجر) وقرئ بالتشديد (لَنَا مِنَ الأرض) أرضِ مكة (يَنْبُوعًا) عيناً لا ينضب ماؤها بفعول من نبع الماءُ كيعْبوب من عبّ الماءَ إذا زخر
(أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ) أي بستانٌ تسترُ أشجارُه ما تحتها من العَرْصة (مّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجّرَ الأنهار) أي تجريها بقوة (خلالها تفجيرا) كثرا والمرادُ إما إجراءُ الأنهارِ خلالها عند سقْيها أو إدامة إجرائها كما ينبئ عنه الفاءُ لا ابتداؤه
(أَوْ تُسْقِطَ السماء كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا) جمع كِسْفة كقطعة وقِطَع لفظاً ومعنى وقرىء بالسكون كسِدْرة وسِدْر وهي حالٌ من السماء والكاف في كما في محل النصبُ على أنَّه صفةُ مصدرٍ محذوفٍ أي إسقاطاً مماثلاً لما زعمت


الصفحة التالية
Icon