الإسراء ٩٣ ٩٤ يعنُون بذلك قولَه تعالى أو تسقط عَلَيْهِمْ كِسَفاً مّنَ السماء (أو تأتي بالله والملائكة قَبِيلاً) أي مقابلاً كالعشير والمعاشِر أو كفيلاً يشهد بصِحة ما تدعيه وهو حالٌ من الجلالة وحالُ الملائكةِ محذوفةٌ لدِلالتها عليها أي والملائكة قبلاء كما حذف الخبرُ في قوله فإني وقيارٌ بها الغريب أو جماعةً فيكون حالاً من الملائكة
(أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مّن زُخْرُفٍ) من ذهب وقد قرئ به وأصلُه الزينة (أَوْ ترقى فِى السماء) أي في معارجها فحُذف المضافُ يقال رقيَ في السُّلّم وفي الدرجة (وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيّكَ) أي لأجل رُقيِّك فيها وحده أو لن نصدق رقيَّك فيها (حَتَّى تتنزل) منها (عَلَيْنَا كِتَابًا) فيه تصديقك (نقرؤه) نحن من غير أن يُتلقّى من قِبلك عن ابن عباس رضي الله عنهما قال عبدُ اللَّه بنُ أبي أمية لن نؤمن لك حتى تتخذ إلى السماء سُلّماً ثم ترقى فيه وأنا أنظُر حتى تأتيَها وتأتَي معك بصك منشورٍ معه أربعةٌ من الملائكة يشهدون أنك كما تقول وما كانوا يقصِدون بهاتيك الاقتراحاتِ الباطلة إلا العنادَ واللجاج ولو أنهم أوتو أضعافَ ما اقترحوا من الآيات ما زادهم ذلك إلا مكابرةً وإلا فقد كما يكفيهم بعضُ ما شاهدوا من المعجزات التي تخِرُّ لها صُمُّ الجبال (قُلْ) تعجباً من شدة شكيمتِهم وتنزيهاً لساحة السُّبحات عما لا يكاد يليق بها من مثل هذه الاقتراحاتِ الشنيعة التي تكاد السمواتُ يتفطّرن منها أو عن طلبك ذلك وتنبيهاً على بطلان ما قالوه (سبحان ربي) وقرئ قال سبحان ربي (هَلْ كُنتُ إَلاَّ بَشَرًا) لا ملَكاً حتى يُتصور مني الرقي في السماء ونحوه (رَسُولاً) مأموراً من قبل ربي بتبليغ الرسالةِ من غير أن يكون لي خِيَرةٌ في الأمر كسائر الرسلِ وكانوا لا يأتون قومَهم إلا بما يظهره الله على أيديهم حسبما يلائم حالَ قومِهم ولم يكن أمرُ الآياتِ إليهم ولا لهم أن يتحكموا على الله سبحانه بشيء منها وقولُه بشراً خبرٌ لكنت ورسولاً صفتُه
(وَمَا مَنَعَ الناس) أي الذين حُكيت أباطيلُهم (أَن يُؤْمِنُواْ) مفعولٌ ثانٍ لمنع وقوله (إذا جَاءهُمُ الهدى) أي الوحيُ ظرفٌ لمنع أو يؤمنوا أي وما منعهم وقت مجئ الوحي المقرونِ بالمعجزاتِ المستدعيةِ للإيمان أن يؤمنوا بالقرآن وبنبوّتك أو ما منعهم أن يؤمنوا بذلك وقت مجئ ما ذكر (إِلاَّ أَن قَالُواْ) في محلِ الرفعِ على أنه فاعلُ منع أي إلا قولُهم (أَبَعَثَ الله بَشَرًا رَّسُولاً) منكِرين أن يكون رسولُ الله تعالى من جنس البشرِ وليس المرادُ أن هذا القولَ صدر عن بعضهم فمنع بعضاً آخرَ منهم بل المانعُ هو الاعتقادُ الشاملُ للكل المستتبعُ لهذا القول منهم وإنما عبرّ عنه بالقول إيذاناً بأنه مجردُ قولٍ يقولونه بأفواههم من غير أن يكون له مفهومٌ ومِصْداقٌ وحصرُ المانعِ من الإيمان فيما ذكر مع أن لهم موانعَ شتّى لِما أنه معظمُها أو لأنه هو المانعُ بحسب الحال أعني عند سماعِ الجواب بقوله تعالى هَلْ كُنتُ إَلاَّ بَشَرًا رَّسُولاً إذ هو الذي يتشبّثون به حينئذ من غيرِ أنْ يخطُر ببالِهم شبهةً أخرى من شبههم الواهيةِ وفيه إيذانٌ بكمال عنادِهم حيث يشير إلى أن الجوابَ المذكورَ مع كونه حاسماً لموادّ