الكهف ١٨ مع كونهم في موقع شعاعِها ﴿مِنْ آيات الله﴾ العجيبةِ الدالةِ على كمال علمِه وقدرتِه وحقية التوحيدِ وكرامةِ أهله عنده سبحانه وتعالى وهذا قبل أن سد دقيانوسُ بابَ الكهف وقيل كان بابَ الكهف شمالياً مستقبلَ بناتِ نْعشٍ وأقربُ المشارقِ والمغاربِ إلى محاذاته رأسُ مشرِق السرَطان ومغربِه والشمسُ إذا كان مدارُها مدارَه تطلُع مائلةً عنه مقابلةً لجانبه الأيمن وهو الذين يلي المغربَ وتغرُب محاذيةً لجانبه الأيسرِ فيقع شعاعُها على جنبيه وتحلّل عفونتَه وتعدّل هواءه ولا يقع عليهم فيؤذي أجسادَهم ويُبْلي ثيابَهم ولعل ميلَ الباب إلى جانب الغرب كان أكثر ولذلك أوقع التزاورَ على كهفهم والقرضَ على أنفسهم فذلك حينئذ إشارةٌ إلى إيوائهم إلى كهف هذا شأنُه وأمَّا جعلُه إشارةً إلى حفظ الله سبحانه إياهم في ذلك الكهفِ تلك المدةَ الطويلةَ أو إلى إطلاعه سبحانه لرسوله ﷺ على أخبارهم فلا يساعده إيرادُه في تضاعيف القِصّةِ ﴿مَن يَهْدِ الله﴾ إلى الحق بالتوفيق له ﴿فَهُوَ المهتد﴾ الذي أصاب الفلاحَ والمرادُ إما الثناءُ عليهم والشهادةُ لهم بإصابة المطلوبِ والإخبارُ بتحقيق ما أمّلوه من نشر الرحمةِ وتهيئةِ المرافق أو التنبيهُ على أن أمثالَ هذه الآيةِ كثيرةٌ ولكن المنتفعَ بها من وفقه الله تعالى للاستبصار بها ﴿وَمَن يُضْلِلِ﴾ أي يخلق فيه الضلال لصرف اختيارِه إليه ﴿فَلَن تَجِدَ لَهُ﴾ أبداً وإن بالغتَ في التتبع والاستقصاء ﴿وَلِيّاً﴾ ناصراً ﴿مُّرْشِدًا﴾ يهديه إلى ما ذكر من الفلاح لاستحالة وجودِه في نفسه لا أنك لا تجده مع وجوده أو إمكانه
﴿وتحسبهم﴾ بفتح السين وقرئ بكسرها أيضاً والخطابُ فيه كما سبق ﴿أَيْقَاظًا﴾ جمع يَقظ بكسر القاف وفتحها وهو اليقظانُ ومدارُ الحسبانِ انفتاحُ عيونِهم على هيئة الناظرِ وقيل كثرةُ تقلّبهم ولا يلائمه قوله تعالى وَنُقَلّبُهُمْ ﴿وَهُمْ رُقُودٌ﴾ أي نيام وهو تقريرٌ لما لم يُذْكَر فيما سلف اعتماداً على ذكره السابقِ من الضرب على آذانهم ﴿وَنُقَلّبُهُمْ﴾ في رقدتهم ﴿ذَاتَ اليمين﴾ نصبٌ على الظرفية أي جهةً تلي أَيمانهم ﴿وَذَاتَ الشمال﴾ أي جهةً تلي شمائلهم كيلا تأكلَ الأرضُ ما يليها من أبدانهم قال ابن عباس رضي الله عنهما لو لم يقلّبوا لأكلتْهم الأرضُ قيل لهم تقليبتان في السنة وقيل تقليبةٌ واحدةٌ يوم عاشوراءَ وقيل في كل تسع سنين وقرئ يقلبهم على الإسنادِ إلى ضميرِ الجلالة وتقَلُّبَهم على المصدر منصوبا بمضمر ينبئ عنه وتحسبهم أي وترى تقلّبَهم ﴿وَكَلْبُهُمْ﴾ قيل هو كلبٌ مروا به فتبعهم فطروده مرار فلم يرجِع فأنطقه الله تعالى فقال لا تخشَوا جانبي فإني أحب أحباءَ الله تعالى فناموا حتى أحرُسَكم وقيل هو كلبُ راعٍ قد تبعهم على دينهم ويؤيده قراءة كالبُهم إذا الظاهرُ لحوقُه بهم وقيل كلبُ صيد أحدِهم أو زرعِه أو غنمِه واختلف في لونه فقيل كان أنمرَ وقيل أصفرَ وقيل أصهبَ وقيل غير ذلك وقيل كان اسمُه قطمير وقيل ريان وقبل تتوه وقيل قطمورو قيل ثور قال خالدُ بنُ مَعْدان ليس في الجنة من الدواب إلا كلبُ أصحاب الكهف وحمار يلعم وقيل لم يكن ذلك من جنس الكلاب بل كان أسداً ﴿باسط ذِرَاعَيْهِ﴾ حكايةُ حالٍ ماضية ولذلك أعلم اسمُ الفاعل وعند الكسائي وهشام وأبي جعفر من البصريين يجوز