الكهف ٥٢ ٥٥ لتعليل نفي الاتخاذ وقرئ متّخِذاً المُضلّين على الأصل وقرئ عُضْداً بضم العين وسكون الضاد وبفتح وسكون بالتخفيف وبضمتين بالاتباع وبفتحتين على أنه جمع عاضد كرَصَد وراصد
﴿وَيَوْمَ يَقُولُ﴾ أي الله عز وجل للكافرين توبيخا وتعجيزا وقرئ بنون العظمة ﴿نَادُواْ شُرَكَائِىَ الذين زَعَمْتُمْ﴾ أنهم شفعاؤُكم ليشفعوا لكم والمرادُ بهم كلُّ ما عُبد من دونه تعالى وقيل إبليسُ وذرِّيتُه ﴿فَدَعَوْهُمْ﴾ أي نادَوهم للإغاثة وفيه بيانٌ لكمال اعتنائِهم بإعانتهم على طريقة الشفاعةِ إذ معلومٌ أن لا طريقَ إلى المدافعة ﴿فَلَمْ يَسْتَجِيبُواْ لَهُمْ﴾ فلم يُغيثوهم إذ لا إمكان لذلك وفي إراده مع ظهوره تهكمٌ بهم وإيذانٌ بأنهم في الحماقه بحيث لا يفهمونه إلا بالتصريح به ﴿وَجَعَلْنَا بَيْنَهُم﴾ بين الداعين والمدعوّين ﴿مَّوْبِقاً﴾ اسمُ مكانٍ أو مصدرٌ من وبَق وُبوقاً كوثب وثوبا أو وبِق وبَقاً كفرح فرحاً إذا هلَك أي مهلِكاً يشتركون فيه وهو النارُ أو عداوة هي في الشدة نفسُ الهلاك كقول عمر رضي الله عنه لا يكن حبُّك كلَفاً ولا بغضُك تلَفاً وقيل البينُ الوصلُ أي وجعلنا تواصلَهم في الدنيا هلاكاً في الآخرة ويجوز أن يكون المرادُ بالشركاء الملائكةَ وعزيراً وعيسى عليهم السلام ومريمَ وبالمَوْبق البرزخَ البعيدَ أي جعلنا بينهم أمداً بعيداً يُهلِك فيه الأشواطُ لفرط بعدهم لأنهم في قعر جهنمَ وهم في أعلى الجنان
﴿وَرَأَى المجرمون النار﴾ وُضع المُظْهر مقامَ المُضْمَر تصريحاً بإجرامهم وذماً لهم بذلك ﴿فَظَنُّواْ﴾ أي فأيقنوا ﴿أَنَّهُمْ مُّوَاقِعُوهَا﴾ مخالطوها واقعون فيها أو ظنوا إذ رأوها من مكان بعيد أنهم مواقعوها الساعةَ ﴿وَلَمْ يَجِدُواْ عَنْهَا مَصْرِفًا﴾ انصرافاً أو معدِلاً ينصرفون إليه
﴿وَلَقَدْ صَرَّفْنَا﴾ أي كررنا وأوردنا على وجوه كثيرةٍ من النظم ﴿فِى هذا القرآن لِلنَّاسِ﴾ لمصلحتهم ومنفعتِهم ﴿مِن كُلّ مَثَلٍ﴾ من جملته ما مر مِن مَثَل الرجلين ومثَل الحياةِ الدنيا أو من كل نوعٍ من أنواع المعاني البديعةِ الداعيةِ إلى الإيمان التي هي في الغرابة والحسنِ واستجلابُ النفسِ كالمَثَل ليتلقَّوْه بالقَبول فلم يفعلوا ﴿وَكَانَ الإنسان﴾ بحسب جِبِلّته ﴿أَكْثَرَ شَىء جَدَلاً﴾ أي أكثرَ الأشياءِ التي يتأتى منها الجدل وهو ههنا شدةُ الخُصومةِ بالباطل والمماراةِ من الجدْل الذي هو الفتْلُ والمجادلةُ الملاواةُ لأن كلاًّ من المجادِلَين يلتوي على صاحبه وانتصابُه على التمييز والمعنى أن جد له أكثرُ من جدَل كلِّ مجادل
﴿وَمَا مَنَعَ الناس﴾ أي أهلَ مكةَ الذين حُكيت أباطيلُهم ﴿أَن يُؤْمِنُواْ﴾ من أن يؤمنوا بالله تعالى ويتركوا ما هم فيه من الإشراك ﴿إِذْ جَاءهُمُ الهدى﴾ أي القرآنُ العظيم الهادي إلى الإيمان بما فيه من فنون المعاني الموجبةِ له ﴿وَيَسْتَغْفِرُواْ رَبَّهُمْ﴾ عما فرَط منهم من أنواع الذنوب