الكهف
٧٠ - ٧٤ ﴿قَالَ فَإِنِ اتبعتنى﴾ أذِن له في الاتّباع بعد اللتيا والتي والفاءُ لتفريع الشرطيةِ على ما مر من التزام موسى عليه الصلاة والسلام للصبر والطاعة ﴿فَلاَ تَسْأَلْنى عَن شَىء﴾ تشاهده من أفعالي أي لا تفاتحْني بالسؤال عن حكمته فضلاً عن المناقشة والاعتراض ﴿حتى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً﴾ ي حتى أبتدئ ببيانه وفيه إيذانٌ بأن كلَّ ما صدر عنه فله حكمةٌ وغايةٌ حميدةٌ البتةَ وهذا من أدب المتعلم من العالم والتابعِ مع المتبوع وقرئ فلا تسألَنّي بالنون المثقلة
﴿فانطلقا﴾ أي موسى والخضِرُ عليهما الصلاة والسلام على الساحل يطلبان السفينةَ وأما يوشعُ فقد صرفه موسى عليه الصلاة السلام إلى بني إسرائيلَ قيل إنهما مرا بسفينة فكلّما أهلها فعرفوا الخضِرَ فحملوهما بغير نَول ﴿حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِى السفينة﴾ استعمالُ الركوب في أمثالِ هذهِ المواقعِ بكلمة في مع تجريده عنها في مثل قوله عز وجل لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً على ما يقتضيه تعديتُه بنفسه لِما أشرنا إليه في قوله تعالى وَقَالَ اركبوا فيها لا لما قيلَ من أن في ركوبها معنى الدخول ﴿خَرَقَهَا﴾ قيل خرقها بعد ما لججوا حيث أخذ فأساً فقلع من ألواحها لوحين مما يلي الماء فعند ذلك ﴿قَالَ﴾ موسى عليه السلام ﴿أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا﴾ من الإغراق وقرئ بالتشديد من التغريق وليغرَقَ أهلُها من الثلاثي ﴿لَقَدْ جِئْتَ﴾ أتيت وفعلت ﴿شَيْئًا إِمْرًا﴾ أي عظيماً هائلاً من أمرِ الأمرُ إذا عظُم قيل الأصل أَمِراً فخفف
﴿قَالَ﴾ أي الخضِرُ عليه السلام ﴿أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِىَ صَبْراً﴾ تذكير لماقاله من قبلُ وتحقيقٌ لمضمونه متضمنٌ للإنكار على عدم الوفاء وعده
﴿قَالَ لاَ تُؤَاخِذْنِى بِمَا نسيت﴾ بنسياني أو بالذي نسيته أو بشيء نسيتُه وهو وصيتُه بأن لا يسألَه عن حكمة ما صدر عنه من الأفعال الخفيةِ الأسبابِ قبلَ بيانه أراد أنه نسِيَ وصيته ولا مؤاخذةَ على الناسي كما ورد في صحيح البخاريّ من أن الأولَ كان من موسى نسياناً أو أَخْرج الكلامَ في معرِض النهي عن المؤاخذة بالنسيان يوهمه أنه قد نسِيَ ليبسُطَ عذرَه في الإنكار وهو من معاريض الكلام التي يتقى بها الكذبُ مع التوصل إلى الغرض أو أراد بالنسيان التركَ أي لا تؤاخذني بما تركت من وصيتك أول مرة ﴿وَلاَ تُرْهِقْنِى﴾ أي لا تُغشِّني ولا تحمّلني ﴿مِنْ أَمْرِى﴾ وهو اتباعه إياه ﴿عُسْراً﴾ أي لا تعسِّرْ عليّ متابعتك ويسِّرها عليّ بالإغضاء وترك المناقشة وقرئ عُسُراً بضمتين
﴿فانطلقا﴾ الفاءُ فصيحةٌ أي فقِبل عذرَه فخرجا من السفينة فانطلقا ﴿حتى إِذَا لَقِيَا غُلاَمًا فَقَتَلَهُ﴾