الكهف ٨٠ عليه لا محالة واسمه جَلَندَي بنُ كركر وقيل منولة بن جلندي الأزْدي ﴿يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ﴾ أي صالحة وقد قرئ كذلك ﴿غَصْباً﴾ من أصحابها وانتصابُه على أنه مصدرٌ مبينٌ لنوع الأخذ ولعل تفريعَ إرادةِ تعييب السفينةِ على مسكنة أصحابِها قبل بيان خوفِ الغصْب مع أن مدارَها كلا الأمرين للاعتناء بشأنها إذ هي المحتاجةُ إلى التأويل وللإيذان بأن الأقوى في المدارية هو الأمرُ الأولُ ولذلك لا يبالي بتخليص سفنِ سائرِ الناس مع تحقق خوفِ الغصبِ في حقهم أيضاً ولأن في التأخير فصلاً بين السفينة وضميرِها مع توهم رجوعِه إلى الأقرب
﴿وأما الغلام﴾ الذي قتله ﴿فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ﴾ لم يصرح بكفرانه أو بكفره إشعاراً بعدم الحاجة إلى الذكر لظهوره ﴿فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا﴾ فخِفنا أن يغْشَى الوالدَين المؤمنَين ﴿طُغْيَانًا﴾ عليهما ﴿وَكُفْراً﴾ لنعمتهما بعقوقه وسوء صنيعِه ويُلحق بهما شراً وبلاءً أو يُقرَنَ بإيمانهما طغيانُه وكفره فيجتمَع في بيت واحد مؤمنان وطاغٍ كافرٌ أو يُعدِيَهما بدائه ويُضلّهما بضلاله فيرتدّا بسببه وإنما خشي الخضر عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ منه ذلك لأن الله سبحانه أعلمه بحاله وأطلعه على سر أمره وقرئ فخاف ربك أي كره سبحانه كراهةَ مَن خاف سوء عاقبة الأمر فغيّره ويجوز أن تكون القراءةُ المشهورة على الحكاية بمعنى فكرِهنا كقوله تعالى لاِهَبَ لَكِ
﴿فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْراً﴾ منه بأن يرزُقهما بدلَه ولداً خيراً ﴿مِنْهُ﴾ وفي التعرض لعنوان الربوبية والإضافة إليهما مالا يَخفْى من الدلالةِ على إرادة وصولِ الخير إليهما ﴿زكاة﴾ طهارةً من الذنوب والأخلاق الرديئة ﴿وَأَقْرَبَ رُحْماً﴾ أي رحمةً وعطفاً قيل وُلدت لهما جارية تزوجها نبيا فولدت نبيا هدى الله تعالى على يديه أمةً من الأمم وقيل ولدت سبعين نبياً وقيل أبدلهما ابناً مؤمناً مثلَهما وقرئ يبدلهما بالتشديد وقرئ رُحُماً بضم الحاء أيضاً وانتصابُه على التمييز مثلُ زكاة
﴿وَأَمَّا الجدار﴾ المعهودُ ﴿فَكَانَ لغلامين يَتِيمَيْنِ فِى المدينة﴾ هي القريةُ المذكورة فيما سبق ولعل التعبيرَ عنها بالمدينة لإظهار نوعِ اعتدادٍ بها باعتداد ما فيها من اليتيمين وأبيهما الصالحِ قيل اسماهما أصرم وصريم واسمُ المقتول جيسور ﴿وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا﴾ من فضة وذهب كما رُوي مرفوعاً والذمُّ على كنزهما في في قولِه عزَّ وجلَّ والذين يَكْنِزُونَ الذهب والفضة لمن لا يؤدي زكاتَهما وسائرَ حقوقهما وقيل كان لوحاً من ذهب مكتوباً فيه عجبْتُ لمن يؤمن بالقدر كيف يحزَن وعجبتُ لمن يؤمن بالرزق كيف يتعَب وعجبت لمن يؤمن بالموت كيف يفرح وعجبت لمن يؤمن بالحساب كيف يغفُل وعجبت لمن يعرِف الدنيا وتقلُّبَها بأهلها كيف يطمئن إليها لا إله الله محمدٌ رسول الله وقيل


الصفحة التالية
Icon