الحجر ١٣ ١٧ والرمحَ في المطعون
(لاَ يُؤْمِنُونَ بِهِ) أي بالذكر حالٌ من ضمير نسلكه أي غيرَ مؤمَنٍ به أو بيانٌ للجملة السابقة فلا محل لها وقد جُعل الضميرُ للاستهزاء فيتعين البيانيةُ إلا أنْ يُجعل الضميرُ المجرورُ أيضاً له على أن الباء للملابسة أي نسلك الاستهزاءَ في قلوبهم حالَ كونِهم غيرَ مؤمنينَ بملابسته والحالُ إما مقدّرةٌ أو مقارنة للإيذان بأن كفرَهم مقارِنٌ للإلقاء كما في قوله تعالى فلما جاءهم ما عَرَفوا كَفَرُواْ بِهِ (وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الأولين) أي قد مضت طريقتهم التي سنها الله تعالى في إهلاكهم حين فعلُوا ما فعلُوا من التكذيب والاستهزاءِ وهو استئناف جىء له تكملةً للتسلية وتصريحاً بالوعيد والتهديد
(وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم) أي على هؤلاء المقترِحين المعاندين (بَاباً مِنَ السماء) أي باباً ما لا باباً أبوابها المعهودة كما قيل ويسرنا لهم الرُّقيَّ والصعودَ إليه (فَظَلُّواْ فِيهِ) في ذلك الباب (يَعْرُجُونَ) بآلة أو بغيرها ويرون ما فيها من العجائب عِياناً كما يفيده الظلول أو فظل الملائكةُ الذين اقترحوا إتيانَهم يعرُجون في ذلك الباب وهم يرَونه عياناً مستوضحين طولَ نهارهم
(لَقَالُواْ) لفرط عنادِهم وغلوِّهم في المكابرة وتفاديهم عن قَبول الحق (إِنَّمَا سُكّرَتْ أبصارنا) أي سُدّت من الإحساس من السُكر كما يدل عليه القراءةُ بالتخفيف أو حُيِّرت كما يعضُده قراءة من قرأ سكرت أي حارت (بَلْ نَحْنُ قوم مسحورون) قد سخرنا محمدٍ صلَّى الله عليهِ وسلم كما قالوه عند ظهورِ سائرِ الآياتِ الباهرة وفي كلمتي الحصر والإضراب دلالةٌ على أنهم يبتون القولَ بذلك وأن ما يرَونه لا حقيقةَ له وإنما هو أمر خُيِّل إليهم بالسحر وفي اسميةِ الجملة الثانيةِ دَلالةٌ على دوام مضمونِها وإيرادُها بعد تسكير الأبصارِ لبيان إنكارِهم لغير ما يرونه فإن عروجَ كل منهم إلى السماء وإن كان مرئياً لغيره فهو معلوم بطريق الوجدانِ مع قطع النظرِ عن الأبصار فهم يدعون أن ذلك نوعٌ آخرُ من السحر غيرُ تسكير الأبصار
(وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِى السماء بُرُوجًا) قصوراً ينزلها السيارات وهي البروجُ الاثنا عشر المشهورةُ المختلفةُ الهيئاتِ والخواصِّ حسبما يدل عليه الرصْدُ والتجرِبة مع ما اتفق عليه الجمهور من بساطة السماء والجعلُ إن جُعل بمعنى الخلق والإبداعِ وهو الظاهرُ فالجار متعلقٌ به وإن جعل بمعنى التصيير فهو مفعولٌ ثانٍ له متعلقٌ بمحذوف أي جعلنا بروجاً كائنة في السماء (وزيناها) أي السماء بتلك البروجِ المختلفةِ الأشكال والكواكب سياراتٍ كانت أو ثوابتَ (للناظرين) إليها فمعنى التزيينِ ظاهرٌ أو للمتفكرين المعتبرين المستدلين بذلك على قدرة مقدّرها وحكمةِ مدبرّها فتزيينُها ترتيبها على نظام بديع مستتبعٍ للآثار الحسنة
(وحفظناها من كل


الصفحة التالية
Icon