سورة الحج (٣٥٣٧) للقصر أي فإذا كان إلهكم إلها واحداً فأخلصوا له التَّقرُّبَ أو الذِّكرَ واجعلُوه لوجههِ خاصَّةً ولا تشوبُوه بالشِّرك ﴿وَبَشّرِ المخبتين﴾ تجريد للخطاب إلى رسول الله ﷺ أي المُتواضعينَ أو المُخلِصين فإنَّ الإخباتَ من الوظائف الخاصَّةِ بهم
﴿الذين إِذَا ذُكِرَ الله وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ﴾ منه تعالى لإشراق أشعةِ جلاله عليها ﴿والصابرين على مَا أَصَابَهُمْ﴾ من مشاقِّ التَّكاليفِ ومُؤناتِ النَّوائبِ ﴿والمقيمى الصلاة﴾ في أوقاتها وقرئ بنصب الصَّلاةِ على تقدير النون وقرئ والمقيمينَ الصَّلاةَ على الأصلِ ﴿وَمِمَّا رزقناهم يُنفِقُونَ﴾ في وجوه الخيراتِ
﴿والبدن﴾ بضمِّ الباءِ وسكون الدال وقرئ بضمِّها وهُما جَمْعا بَدَنةٍ وقيل الأصلُ ضمُّ الدَّالِ كخُشُبٍ وخَشَبةٍ والتَّسكينُ تخفيفٌ منه وقرئ بتشديدِ النُّونِ على لفظِ الوقفِ وإنَّما سُمِّيتْ بها الإبلُ لعظمِ بَدَنِها مأخوذةٌ من بدن بداية وحيثُ شاركها البقرةُ في الإجزاءِ عن سبعةٍ بقوله ﷺ البُدْنةُ عن سبعةٍ والبقرةُ عن سبعةٍ جُعلا في الشَّريعةِ جنساً واحداً وانتصابُه بمضمرٍ يفسِّرهُ ﴿جعلناها لَكُمْ﴾ وقرئ بالرَّفعِ على أنَّه مبتدأٌ والجملةُ خبرُهُ وقولُه تعالى ﴿مِن شَعَائِرِ الله﴾ أي من أعلامِ دينهِ التي شرعها اللَّهُ تعالى مفعولٌ ثانٍ للجعل ولكُم ظرفٌ لغوٌ متعلقٌ به وقولُه تعالى ﴿لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ﴾ أي منافعُ دينيَّةٌ ودنيويَّةٌ جملةٌ مستأنَفة مقرِّرةٌ لما قبلها ﴿فاذكروا اسم الله عَلَيْهَا﴾ بأنْ تقولُوا عند ذبحِها اللَّهُ أكبرُ لا إله إلا الله والله أكبرُ اللهمَّ منكَ وإليكَ ﴿صَوَافَّ﴾ أي قائماتٍ قد صففن أيديهن وأرجلهن وقرئ صَوَافنَ من صَفن الفرسُ إذا قام على ثلاثٍ وعلى طرفِ سُنْبكِ الرَّابعةِ لأنَّ البدنةَ تُعقل إحدى يديها فتقومُ على ثلاثٍ وقرئ صوافا بإبدالِ التَّنوينِ من حرفِ الإطلاق عند الوقف وقرئ صَوَافى أي خَوَالصَ لوجهِ اللَّهِ عزَّ وجلَّ وصَوَافْ على لغة مَن يُسكِّنُ الياءَ على الإطلاق كما في قوله
لعلِّي أرى باق على الحدثان
﴿فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا﴾ سقطتْ على الأرضِ وهو كنايةٌ عن الموت ﴿فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ القانع﴾ الرَّاضيَ بما عنده وبما يعطى من غير مسئلة ويؤيده أنه قرئ القنع أو السَّائلَ من قَنع إليه قُنوعاً إذا خضعَ له في السُّؤالِ ﴿والمعتر﴾ أي المتعرِّضَ للسُّؤالِ وقرئ المُعتري يقال عَرّهُ وعَرَاهُ واعترَّهُ واعتراهُ ﴿كذلك﴾ مثلَ ذلك التَّسخيرِ البديعِ المفهومِ من قولِه تعالى صواف ﴿سخرناها لَكُمْ﴾ مع كمالِ عظمِها ونهايةِ قوَّتِها فلا تستعصي عليكم حتَّى تأخذوها منقادة فتقلونها وتحبسونها صافَّة قوائمها ثم تطعنونَ في لبَّاتِها ﴿لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ لتشكرُوا إنعامَنا عليكم بالتَّقرُّب والإخلاصِ
﴿لَن يَنَالَ الله﴾ أي لن يبلغَ مرضاتَهُ ولن يقعَ منه موقعَ القَبُولِ ﴿لحومها﴾


الصفحة التالية
Icon