سورة المؤمنون (٢٨ ٣٢) تعالى وَإِذْ قُلْنَا للملائكة اسجدوا لاِدَمَ ﴿وَأَهْلَكَ﴾ منصوبٌ بفعل معطوف على فاسلُك لا بالعطف على زوجينِ أو اثنين على القراءتينِ لأدائه إلى اختلالِ المعنى أي واسلُك أهلَك والمرادُ به امرأتُه وبنُوه وتأخيرُ الأمر بإدخالهم عمَّا ذُكر من إدخال الأزواجِ فيها لكونِه عريقاً فيما أُمر به من الإدخال فإن نحتاج إلى مزاولة الأعمالِ منه عليه السَّلامُ بل إلى معاونةٍ من أهلِه وأتباعِه وأماهم فإنَّما يدخلونَها باختيارِهم بعد ذلك ولأنَّ في المؤخَّر ضربَ تفصيلٍ بذكر الاستثناء وغيرِه فتقديمُه يؤدِّي إلى الإخلالِ بتجاوبِ أطرافِ النظمِ الكريم ي ﴿إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ القول مِنْهُمْ﴾ أي القولُ بإهلاكِ الكَفَرةِ وإنَّما جيء بعلى لكون السابقِ ضارًّا كما جيء باللامِ في قوله تعالى إن الذين سَبَقَتْ لَهُمْ مّنَّا الحسنى لكونِه نافعاً ﴿وَلاَ تخاطبنى فِى الذين ظَلَمُواْ﴾ بالدُّعاءِ لإنجائهم ﴿إِنَّهُمْ مُّغْرَقُونَ﴾ تعليلٌ للنهي أو لما ينبئ عنه من عدم قبول الدُّعاءِ أي إنَّهم مقضيٌّ عليهم بالإغراقِ لا محالةَ لظُلمهم بالإشراك وسائر المَعَاصي ومَن هذا شأنُه لا يُشفعُ له ولا يُشفَّعُ فيه كيف لا وقد أُمر بالحمدِ على النَّجاةِ منهم بهلاكِهم بقوله تعالى
﴿فَإِذَا استويت أَنتَ وَمَن مَّعَكَ﴾ أي من أهلِك وأشياعِك ﴿عَلَى الفلك فَقُلِ الحمد للَّهِ الذى نَجَّانَا مِنَ القوم الظالمين﴾ على طريقةِ قوله تعالى فَقُطِعَ دَابِرُ القوم الذين ظَلَمُواْ والحمد للَّهِ رَبّ العالمين
﴿وَقُل رَّبّ أَنزِلْنِى﴾ في السَّفينةِ أو منها ﴿مُنزَلاً مُّبَارَكاً﴾ أيْ إنزالاً أو موضعَ إنزالٍ يستتبعُ خيراً كثيرا وقرئ مَنْزلاً أي موضعَ نزولٍ ﴿وَأَنتَ خَيْرُ المنزلين﴾ أُمر عليه السَّلامُ بأنْ يشفع دعاءه بما يُطابقه من ثنائه عزَّ وجلَّ توسُّلاً به إلى الإجابةِ وإفرادُه عليه السَّلامُ بالأمر مع شركة الكلِّ في الاستواءِ والنَّجاةِ لإظهار فضله عليه السَّلامُ والإشعارِ بأنَّ في دُعائه وثنائِه مندوحةً عمَّا عداهُ
﴿إِنَّ فِى ذَلِكَ﴾ الذي ذكر مما فعل به عليه السَّلامُ وبقومِه ﴿لاَيَاتٍ﴾ جليلةً يستدلُّ بها أُولو الأبصارِ ويعتبر بها ذَوُو الاعتبار ﴿وَإِن كُنَّا لَمُبْتَلِينَ﴾ إنْ مخففةٌ منْ أنَّ واللامُ فارقةٌ بينها وبين النَّافيةِ وضميرُ الشَّأنِ محذوفٌ أي وإنَّ الشَّأنَ كُنَّا مصيبين قومَ نوحٍ ببلاء عظيم وعقاب شديد ومختبرين بهذه الآياتِ عبادَنا لننظر مَن يعتبرُ ويتذكَّر كقولِه تعالى ولقد تركناها آية فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ
﴿ثم أنشأنا من بعدهم﴾ أي من بعد إهلاكهم ﴿قرنا آخرين﴾ هم عادٌ حسبما رُوي عن ابن عباس رضي الله عنهما وعليه أكثرُ المُفسِّرين وهو الأوفقُ لما هو المعهودُ في سائرِ السورِ الكريمةِ من إيراد قصَّتهم إثرَ قصَّةِ قومِ نوحٍ وقيل هم ثمودُ
﴿فأرسلنا فيهم﴾ جعلوا