سورة الشعراء (٩٥ ٩٩)
ذكرهم عن ذكر آلهتم رمزٌ إلى أنَّهم يؤخَّرون عنها في الكبكبةِ ليُشاهدوا سوءَ حالِها فيزدادوا غمِّاً إلى غمَّهم
﴿وجنود إبليس﴾ أي شياطنية الذين كانوا يغرونهم ويُوسوسون إليهم ويسوِّلون لهم ما هم عليه من عبادةِ الأصنام وسائر فنون الكُفر والمعاصي ليجتمعُوا في العذاب حسبما كانُوا مجتمعين فيما يُوجبه وقيل متبعوه من عصاة الثَّقلينِ والأوَّلُ هو الوجه ﴿أجمعين﴾ تأكيد للضمير وما عُطِف عليه وقوله تعالى
﴿قَالُواْ﴾ الخ استئنافٌ وقع جوابا عن سؤالٍ نشأَ من حكايةِ حالهم كأنه قيل ماذا قالوا حينَ فُعل بهم ما فُعل فقيل قال العَبَدةُ ﴿وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ﴾ أي قالوا معترفين بخطئهم في أنهما كهم في الضَّلالةِ متحسَّرين معيِّرين لأنفسهم والحال أنَّهم في الجحيم بصددِ الاختصام مع من معهم من المذكورينَ مخاطبين لمعبودِيهم على أنَّ الله تعالَى يجعلُ الأصنامَ صالحةً للاختصام بأنْ يُعطيها القدرةَ على الفهم والنُّطقِ
﴿تالله إِن كُنَّا لَفِى ضلال مُّبِينٍ﴾ إنْ مخففةٌ من الثَّقيلةِ قد حُذف اسمَها الذي هو ضميرُ الشأن واللام فارقة بينها وبن النَّافيةِ أي إنَّ الشأنَ كُنَّا في ضلال واضح لإخفاء فيه ووصفهم له بالوضوح للإشباع في إظهار ندمهم وتحسُّرهم وبيان عِظَمِ خطئهم في رأيهم مع وضوح الحقِّ كما ينبىءُ عنه تصديرُ قَسَمهم بحرف التَّاءِ المُشعرةِ بالتَّعجُّبِ وقوله تعالى
﴿إِذْ نُسَوّيكُمْ بِرَبّ العالمين﴾ ظرفٌ لكونهم في ضلالٍ مبين وقيل لما دل عليه الكلامُ أي ضللنا وقيل للضَّلال المذكورِ وإن كان فيه ضعفٌ صناعيٌّ من حيث إنَّ المصدرَ الموصوفَ لا يعمل بعد الوصف وقيل ظرفٌ لمبين وصيغةُ المضارعِ لاستحضارِ الصُّورَةِ الماضية أي تالله لقد كُنَّا في غاية الضَّلالِ الفاحش وقت تسويتنا إيَّاكُم أيُّها الأصنامُ في استحقاقِ العبادة بربِّ العالمين الذي أنتم أدنى مخلوقاته وأدلهم وأعجزُهم وقولهم
﴿وَمَا أَضَلَّنَا إِلاَّ المجرمون﴾ بيان لسبب ضلالهم بعد اعترافِهم بصدوره عنهم لكنْ لا على مَعْنى قصرِ الإضلال على المجرمين دون عداهم بل على مَعنى قصر ضلالِهم على كونه بسبب إضلالهم من غير أنْ يستقلُّوا في تحقُّقهِ أو يكون بسبب إضلال الغيرِ كأنَّه قيل وما صدرَ عنَّا ذلك الضَّلالُ الفاحش إلا بسبب إضلالِهم والمرادُ بالمجرمين الذين أضلوهم روساؤهم وكُبراؤُهم كما في قولِه تعالى رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا السبيلا وعن السدى رحمة الله الأَوَّلُون الذين اقتدَوا بهم وأياما كان ففيه أوفرُ نصيب من التعريض الذين قالُوا بل وجدنا آباءَنا كذلك يفعلون وعن ابنِ جريج


الصفحة التالية
Icon