سورة النمل (٦٨ ٧٣) وقرئ إذَا كنَّا بهمزةٍ واحدةٍ مكسورة وقرئ إنَّا لمخرجُون على الخبرِ
﴿لَقَدْ وُعِدْنَا هذا﴾ أي الإخراج ﴿نحن وآباؤنا مِن قَبْلُ﴾ أي من قبلِ وعدِه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ وتقديمُ الموعودِ على نحنُ لأنَّه المقصودُ بالذكرِ وحيثُ أُخّرَ قُصد به المبعوثَ والجملةُ استئنافٌ مَسوقٌ لتقريرِ الإنكارِ وتصديرُها بالقسمِ لمزيدِ التأكيدِ وقولُه تعالى ﴿إِنْ هذا إِلاَّ أساطير الأولين﴾ تقريرُ إثرَ تقريرٍ
﴿قُلْ سِيرُواْ فِى الأرض فانظروا كَيْفَ كَانَ عاقبة المجرمين﴾ بسببِ تكذيبِهم للرُّسلِ عليهمْ الصَّلاةُ والسَّلامُ فيما دَعَوهم إِلَيْهِ منَ الإيمانِ بالله عزَّ وجلَّ وحَدهُ وباليومِ الآخرِ الذي تُنكرونَهُ فإنَّ في مشاهدةِ عاقبتِهم ما فيهِ كفايةٌ لأُولي الأبصارِ وفي التعبيرِ عن المُكذبينَ بالمجرمينَ لُطفٌ بالمؤمنينَ في تَرْكِ الجرائم
﴿وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ﴾ لإصرارِهم على الكُفْرِ والتَّكذيبِ ﴿وَلاَ تَكُن فِى ضَيْقٍ﴾ في حَرَجِ صدرٍ ﴿مّمَّا يَمْكُرُونَ﴾ من مكرِهم فإنَّ الله تعالى يعصمك من لاناس وقرئ بكسرِ الضَّادِ وهُو أيضاً مصدر ويجوزأن يكونَ المفتوحُ مخفَّفاً من ضيق وقد قرئ كذلكَ أي لا تكُن في أمرٍ ضيِّقٍ
﴿وَيَقُولُونَ متى هذا الوعد﴾ أي العذابُ العاجلُ الموعودُ ﴿إِن كُنتُمْ صادقين﴾ في إخبارِكم بإتيانِه والجمعُ باعتبارِ شركة المؤنين في الإخبارِ بذلَك
﴿قُلْ عسى أَن يَكُونَ رَدِفَ لَكُم﴾ أي تبعكُم ولحقكُم والَّلامُ مزيدةٌ للتأكيدِ كالباءِ في قولهِ تعالى وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التهلكة أو الفعلُ مضمَّنٌ معنى فعلٍ يُعدَّى باللَّامِ وقرئ بفتحِ الدَّالِ وهي لغةٌ فيه ﴿بَعْضُ الذى تَسْتَعْجِلُونَ﴾ وهو عذابُ يومِ بدرٍ وعسَى ولعلَّ وسوف في مواعيد الملوك بمنزلة الجزم بها وإنما يطلقونها إظهار اللوقار وإسعارا بأنَّ الرَّمزَ من أمثالِهم كالتَّصريحِ ممَّن عداهُم وعلى ذلك مَجرى وعدِ الله تعالى ووعيدهِ وإيثارُ مَا عليهِ النَّظمُ الكريمُ عَلى أنْ يُقالَ عَسى أنْ يردفَكم الخ لكونِه أدلَّ على تحققِ الوعدِ
﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى الناس﴾ أي لذُو إفضالٍ وإنعامٍ على كافَّة النَّاسِ ومن جُملةِ إنعاماتِه تأخيرُ عقوبةِ هؤلاءِ على ما يرتكبونَهُ من المَعَاصي التي من جُملتِها استعجالُ العذابِ ﴿ولكن أَكْثَرَهُمْ لاَ يَشْكُرُونَ﴾ لا يعرفون حقَّ النعمةِ فيه فلا يشكرونَهُ بل يستعجلونَ بجهلِهم وقوعَهُ كدأب هؤلاء