سورة النمل (٩٣)
﴿وَقُلِ الحمد لِلَّهِ﴾ أي علَى ما أفاضَ عليَّ من نعمائِه التي أجلُّها نعمةُ النُّبوةِ المستتبعةِ لفنونِ النِّعمِ الدِّينيةِ والدُّنيويةِ ووفَّقنِي لتحمل أعبائِها وتبليغِ أحكامِها إلى كافَّة الوَرَى بالآياتِ البينةِ والبراهينِ النيرةِ وقولُه تعالى ﴿سيريكم آياته﴾ من جُملةِ الكلامِ المأمورِ به أي سيُريكم البتةَ في الدُّنيا آياتِه الباهرةَ التي نطقَ بها القرآنُ كخروجِ الدابةِ وسائرِ الأشراطِ وقد عُدَّ منها وقعةُ بدرٍ ويأباهُ قولُه تعالى ﴿فَتَعْرِفُونَهَا﴾ أي فتعرفونَ أنَّها آياتُ الله تعالى حينَ لا تنفعُكم المعرفةُ لأنَّهم لا يتعرفون بكونِ وقعةِ بدرٍ كذلك وقيل سيُريكم في الآخرةِ وقولُه تعالَى ﴿وَمَا رَبُّكَ بغافل عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾ كلامٌ مسوقٌ من جهتِه تعالى بطريقِ التَّذييلِ مقررٌ لما قبلَه متضمنٌ للوعدِ والوعيدِ كما ينبئ عنه إضافةُ الربِّ إلى ضمير النبيِّ صلَّى الله عليهِ وسلم وتخصيصُ الخطابِ أولاً به ﷺ وتعميمُه ثانياً للكَفَرةِ تغليباً أيْ وَمَا رَبُّكَ بغافلٍ عَمَّا تعملُ أنتَ من الحسناتِ وما تعملونَ أنتُم أيُّها الكفرةُ من السيئاتِ فيُجازي كُلاًّ منكم بعملِه لا محالة وقرئ عمَّا يعملُون على الغَيبةِ فهُو وعيدٌ محضٌ والمعنى وما ربُّك بغافلٍ عن أعمالِهم فسيعذبُهم البتةَ فلا يحسبُوا أنَّ تأخيرَ عذابِهم لغفلتِه تعالى عن أعمالِهم الموجبةِ له والله تعالى أعلم عنِ النبيِّ صلَّى الله عليهِ وسلَّم مَن قرأَ سورةَ طس كان له منَ الأجرِ عشرَ حسناتٍ بعدد من صدق بسليمان وهو وصالحٍ وإبراهيمَ وشُعيبٍ عليهم الصَّلاةُ والسَّلامُ ومن كذَّب بهم ويخرجُ من قبرِه وهو ينادي لا له إلا الله
تم بحمد الله الجزء السابع ويليه الجزء الثامن وأوله سورة القصص قوله (فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) التلاوة فَإِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ وحينئذ فلا حاجة لبيان نكتة التعبير بالربوبية المضافة إلى ضميره عليه الصلاة والسلام بقوله (وفي التعرُّض لوصفِ الربوبيةِ الخ)


الصفحة التالية
Icon