سورة الأنبياء ٣٤ ٣٦ لتأكيد الاعتناءِ بفحوى الكلام أي هو الذي خلقهن وحده ﴿كُلٌّ﴾ أي كلُّ واحدٍ منهما على أن التنوين عوضٌ عن المضافِ إليهِ ﴿فِى فَلَكٍ يَسْبَحُونَ﴾ أي يجْرون في سطح الفلك كالسبْح في الماء والمرادُ بالفَلَك الجنسُ كقولك كساهم الخليفةُ حُلّةً والجملة حالٌ من الشمس والقمر وجاز انفرادُهما بها لعدم اللَّبْس
٣٤ - والضميرُ لهما والجمعُ باعتبار المطالعِ وجُعل الضميرُ واو العق لأن السباحة حالُهم
﴿وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مّن قَبْلِكَ الخلد﴾ أي في الدنيا لكونه مخالفاً للحكمة التكونية والتشريعية ﴿أفَإن مِتَ﴾ بمقتضى حكمتِنا ﴿فَهُمُ الخالدون﴾ نزلت حين قالوا انتربص به ريبَ المَنون والفاءُ لتعليق الشرطيةِ بما قبلها والهمزةُ لإنكار مضمونِها بعد تقرّر القاعدةِ الكلية النافية لذلك بالمرة والمرادُ بإنكار خلودِهم ونفيه إنكارُ ما هو مدارٌ له وجوداً وعدما من شماتنهم بموته ﷺ فإن الشماتةَ بما يعتريه أيضاً مما لا ينبغي أن تصدر عن العاقل كأنه قيل أفإن
٣٥ - متَّ فهم الخالدون حتى يشمتوا بموتك وقوله تعالى
﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الموت﴾ أى ذائقة مرارة مفارقها جسدَها برهانٌ على ما أنكر من خلودكم ﴿وَنَبْلُوكُم﴾ الخطابُ إما للناس كافة بطريق التلوينِ أو للكفرة بطريق الالتفات أي نعاملكم معاملة من يبلوكم ﴿بالشر والخير﴾ بالبلايا والنعم هل تصبرون وتشكرون أولا ﴿فِتْنَةً﴾ مصدرٌ مؤكد لنبلوَكم من غير لفظِه ﴿وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ﴾ لا إِلى غيرِنا لا استقلالاً ولا اشتراكاً فنجازيكم حسبما يظهر منكم من الأعمال فهو على الأول وعد ووعيدٌ وعلى الثاني وعيدٌ محضٌ وفيه إيماءٌ إلى أن المقصود من هذه الحياة الدنيا الابتلاءُ والتعريضُ للثواب والعقاب وقرىء يُرجعون بالياء على الالتفات
٢٦ - ﴿وَإِذَا رَاكَ الذين كَفَرُواْ﴾ أي المشركون ﴿إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً﴾ أي ما يتخذونك إلا مهزوءا به على معنى قصر معاملتهم معه عليه السلام على اتخاذهم إياه هُزواً لا على معنى قصر اتخاذهم على كونه هزواً كما هو المتبادرُ كأنه قيل ما يفعلون بك إلا اتخاذك هزوا وقد مرَّ تحقيقُه في قولِه تعالى أَنِ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يوحى إِلَىَّ في سورة الأنعام ﴿أهذا الذى يَذْكُرُ الِهَتَكُمْ﴾ على إرادةِ القولِ أيْ ويقولون أو قائلين ذلك أي يذكرهم بسوء كما في قوله تعالى سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ الخ وقوله تعالى ﴿وَهُمْ بِذِكْرِ الرحمن هُمْ كافرون﴾ في حيز النصبِ على الحالية من ضمير القول المقدرِ والمعنى أنهم يعيبون عليه عليه الصلاة والسلام أن يذكُرَ آلهتَهم التي لا تضُرّ ولا تنفع بالسوء والحالُ أنهم بذكر الرحمن المنْعِم عليهم بما يليقُ بهِ من التوحيد أوبإرشاد الخلق بإرسال الرسل وإنرال الكتب أو بالقرآن كافرون فهم أحقاء بالعيب والإنكار فالضمير الأول مبتدأ خبره كافرون وبذكر متعلق بالخبر والتقدير وهم كافرون بذكر الرحمن والضمير الثاني تأكيدٌ لفظيٌّ للأول