سورة الإنبياء (٨٠ ٨٣) وهو حال من الجبال أو استئناف مبين لكيفية التسخيرِ ومع متعلقةٌ بالتسخير وقيل بالتسبيح وهو بعيد ﴿والطير﴾ عطف على الجيال أو مفعولٌ معه وقُرِىءَ بالرفعِ على الابتداءِ والخبر محذوفٌ أي والطيرُ مسخراتٌ وقيل على العطف على الضمير في يسبحن وفيه ضعفٌ لعدم التأكيد والفصلِ ﴿وَكُنَّا فاعلين﴾ أي من شأننا أن نفعل أمثالَه فليس ذلك ببِدْعٍ منا وإن كان بديعاً عندكم
﴿وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ﴾ أي عملَ الدِّرْعِ وهو في الأصل اللباسُ قال قائلهم... إلبَسْ لكل حالة لَبوسَها... إما نعيمَها وإما بوسَها...
وقيل كانت صفائح فحلقها وسرَدها ﴿لَكُمْ﴾ متعلقٌ بعلّمنا أو بمحذوف هوصفة لَبوس ﴿لِتُحْصِنَكُمْ﴾ أي اللبوسُ بتأويل الدرع وقرىء بالتذكير على أن الضمير لداودَ عليه السلام أو للّبوس وقرىء بنون العظمة وهو بدلُ اشتمال من لكم بإعادة الجارّ مبينٌ لكيفية الاختصاصِ والمنفعةِ المستفادةِ من لام لكم ﴿مّن بَأْسِكُمْ﴾ قيل من حرب عدوِّكم وقيل من وقع السلاح فيكم ﴿فَهَلْ أَنتُمْ شاكرون﴾ أمرٌ واردٌ على صورة الاستفهامِ للمبالغة أو التقريع
﴿ولسليمان الريح﴾ أي وسخرنا له الريحَ وإيرادُ اللام ههنا دون الأول للدِلالة على ما بين التسخيرين من التفاوت فإن تسخيرَ ما سخر له عليه السلام من الريح وغيرِها كان بطريق الانقيادِ الكليِّ له والامتثالِ بأمره ونهيِه والمقهوريةِ تحت ملكوتِه وأما تسخيرُ الجبال والطيرِ لداودَ عليه السلام فلم يكن بهذه المثابة بل بطريق التبعيةِ له عليه السلام والاقتداء به في عبادة الله عزوعلا ﴿عَاصِفَةً﴾ حالٌ من الريح والعاملُ فيها الفعلُ المقدرُ أي وسخرنا له الريح حالَ كونِها شديدةَ الهبوبِ من حيث أنها كانت تبعُد بكرسيه في مدة يسيرة من الزمان كما قال تعالى غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وكانت رُخاءً في نفسها طيبةً وقيل كانت رُخاءً تارة وعاصفةً اخرى حسب إرادته عليه السلام وقرىء الريحُ بالرفع على الابتداء والخبرُ هو الظرفُ المقدم وعاصفةً حينئذ حال من ضمير المبتدأ في الخبر والعاملُ ما فيه من معنى الاستقرارِ وقرىء الرياح نصباً ورفعاً ﴿تَجْرِى بِأَمْرِهِ﴾ بمشيئته حالٌ ثانية أو بدلٌ من الأولى أوْ حالٌ منْ ضميرِها ﴿إِلَى الأرض التى بَارَكْنَا فِيهَا﴾ وهي الشام رَواحاً بعد ما ساربه منه بكرةً قال الكلبي كان سليمانُ عليه السلام وقومه يركبون عليها من اصطخْرَ إلى الشام وإلى حيث شاء ثم يعود إلى منزله ﴿وَكُنَّا بِكُلّ شيء عالمين﴾ فنجزيه حسبما تقتضيه الحِكمة
﴿ومن الشياطين﴾ أي وخسر ناله من الشياطين ﴿مَن يَغُوصُونَ لَهُ﴾ في البحار ويستخرجون له من نفائسها وقيل مَنْ رفعٌ على الابتداء وخبرُه ما قبله والأولُ هو الأظهرُ ﴿وَيَعْمَلُونَ عَمَلاً دُونَ ذلك﴾ أي غيرَ ما ذُكر من بناءِ المدن والقصورِ واختراعِ الصنائعِ الغريبة لقوله تعالى يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاء مِن محاريب وتماثيل الآية وهؤلاء أما الفرقةُ الأولى أو غيرها لعموم كلمة مَنْ كأنه قيل ومَن يعملون وجمعُ الضمير الراجع إليها باعتبار معناها بعد ما رشح جانبُه بقوله تعالى وَمِنَ الشياطين روي أن المسخَّر له عليه السلام كفارهم


الصفحة التالية
Icon