سورة الإنبياء (٨٣ ٨٤) لا مؤمنوهم لقوله تعالى وَمِنَ الشياطين وقوله تعالى ﴿وَكُنَّا لَهُمْ حافظين﴾ أي من أن يزيغوا عن أمره أو يُفسدوا على ما هو مقتضى جِبِلّتهم قيل وكل بهم جمعاً من الملائكة وجمعاً من مؤمني الجن وقال الزجاجُ كان يحفظهم من أن يفسدوا ما عمِلوا وكان دأبُهم أن يفسدوا بالليل ماعملوه بالنهار
﴿وَأَيُّوبَ﴾ الكلامُ فيه كما مرَّ في قوله تعالى وداود وسليمان أي واذكر خبرَ أيوبَ ﴿إِذْ نادى رَبَّهُ أَنّى﴾ أي بأَنِّي ﴿مَسَّنِىَ الضر﴾ وقُرِىءَ بالكسرِ على إضمارِ القولِ أو تضمين النداء معناه والضرُّ شائع في كل ضررٍ وبالضم خاص بما في النفس من مرض وهُزال ونحوهما ﴿وأنت أرحم الراحمين﴾ وصفة تعالى بغاية الرجمة بعد ما ذكر نفسه بما يوجبها واكتفى به عن عرض المطلب لطفاً في السؤال وكان عليه السلام رومياً من ولد عيص بن إسحاق استسبأه الله تعالى وكثُر أهلُه وماله فابنلاه الله تعالى بهلاك أولادِه بهدم بيت عليهم وذهابِ أمواله والمرضِ في بدنه ثمانيَ عشرةَ سنة أو ثلاثَ عشرةَ سنة أو سبعاً وسبعةَ أشهر وسبعة أيام وسبعَ ساعات روي أن امرأتَه ماخيرَ بنتَ ميشا ابن يوسفَ عليه السلام أو رحمة بنت أفرايم بن يوسف قالت له بوما لو دعوتَ الله تعالى فقال كم كانت مدةُ الرخاء فقالت بمانين سنة فقال استحي من الله تعالى أن أدعوَه وما بلغتْ مدةُ بلائي مدةَ رخائي وروي أن إبليسَ أتاها على هيئة عظيمة فقال أنا إله الأرضِ فعلتُ بزوجك ما فعلت لأنه تركني وعبدَ إله السماء فلو سجد لي سجدةً لرددتُ عليه وعليك جميعَ ما أخذتُ منكما وفي رواية لو سجدتِ لي سجدةً لرَجعتُ المالَ والولد وعافيتُ زوجَك فرجعت إلى أيوبَ وكان ملْقًى في الكُناسة لا يقرُب منه أحدٌ فأخبرته بالقصة فقال عليه السلام كأنك افتُتِنْتِ بقول اللعين لئن عافاني الله عزوجل لأضرِبنّك مائة سَوْط وحرامٌ عليّ أن أذوق بعد هذا شيئاً من طعامك وشرابِك فطردها فبقيَ طريحاً على الكُناسة لا يحوم حوله أحدٌ من الناس فعند ذلك خر ساجداً فقال ربّ أَنّى مَسَّنِىَ الضرُّ وَأَنتَ أرحمُ الراحمين فقيل له ارفعْ رأسك فقد استجبت لك اركُضْ برجلك فركض فنبعتْ من تحته عينُ ماء فاغتسل منها فلم ببق في ظاهر بدنه دابةٌ إلا سقطتْ ولا جراحةٌ إلا برِئت ثم ركض مرة اخرى فنبعث عينٌ أخرى فشرب منها فلم يبقَ في جوفه داءٌ إلا خرج وعاد صحيحاً ورجع إليه شبابُه وجمالُه ثم كُسِيَ حلة وذلك قوله تعالى
﴿فاستجبنا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرّ﴾ فلما قام جعل يلفت فلا يرى شيئاً مما كان له من الأهل والمالِ إلا وقد ضاعفه الله تعالى وذلك قوله تعالى ﴿وآتيناه أَهْلَهُ وَمِثْلَهمْ مَعْهمْ﴾ وقيل كان ذلك بأن وُلد له ضِعفُ ما كان ثم إن امرأتَه قالت في نفسها هبْ أنه طردني أفأترُكه حتى يموتَ جوعا ويأكله السباع لأرجِعنّ إليه فلما رجعت ما رأت تلك الكُناسة ولا تلك الحال وقد تغيرت الأمورُ فجعلت تطوفُ حيث كانت الكُناسة وتبكي وهابت صاحبَ الحُلة أن