سورة الإنبياء (٨٥ ٨٧) تأتيَه وتسألَ عنه فأرسل إليها أيوبُ ودعاها فقال ما تريدين يا أمةَ الله فبكت وقالت أريد ذلك المبتلى الذي كان ملقًى على الكناسة قال لها ما كان منك فبكت وقالت بعْلي قال أتعرِفينه إذا رأيتِه قالت وهل يخفى عليّ فتبسم فقال أنا ذلك فعرفته بضحكه فاعتنقتْه ﴿رَحْمَةً مّنْ عِندِنَا وذكرى للعابدين﴾ أي آتيناه ما ذُكر لرحمتنا أيوبَ وتذكرةً لغيره من العابدين ليصبِروا كما صبر فيُثابوا كما أثيب أو لرحمتنا العابدين الذين من جملتهم أيوبُ وذكْرِنا إياهم بالإحسان وعدمِ نسياننا لهم
﴿وإسماعيل وَإِدْرِيسَ وَذَا الكفل﴾ أي واذكرهم وذو الكِفل إلياسُ وقيل يوشَعُ بنُ نون وقيل زكريا سُمّي به لأنه كان ذا حظ من الله تعالى أو تكفل منه أوضعف عمل أنبياء زمانه وثوابهم فإن الكفل يجيىء بمعنى النصيب والكفالة والضِعْف ﴿كُلٌّ﴾ أي كلَّ واحدٍ من هؤلاء ﴿مّنَ الصابرين﴾ أي على مشاقّ التكاليف وشدائدِ النُّوَب والجملةُ استئنافٌ وقعَ جواباً عن سؤال نشأ من الأمر بذكرهم
﴿وأدخلناهم فِى رَحْمَتِنَا﴾ أي في النبوة أو في نعمة الآخرة ﴿إِنَّهُمْ مّنَ الصالحين﴾ أي الكاملين في الصلاح الكاملِ الذي لا يحومُ حولَهُ شائبةُ الفساد وهم الأنبياءُ فإن صلاحَهم معصومٌ من كَدَر الفساد
﴿وَذَا النون﴾ أي واذكر صاحب الحوت وهو يونسُ عليهِ السَّلامُ ﴿إِذ ذَّهَبَ مغاضبا﴾ أي مراغِماً لقومه لمّا برِمَ من طول دعوته إياهم وشدةِ شكيمتهم وتمادي إصرارِهم مهاجراً عنهم قبل أن يؤمر وقيل وعدَهم بالعذاب فلم يأتِهم لميعادهم بتوبتهم ولم يعرف الحال فظن أنه كذّبهم فغضِب من ذلك وهو من بناء المغالبة للمبالغة أو لأنه أغضبهم بالمهاجَرة لخوفهم لحوق العذاب عندها وقرىء مُغضَباً ﴿فَظَنَّ أَن لن نقدر عليه﴾ أن لن نضيّقَ عليه أو لن نقضيَ عليه بالعقوبة من القدر ويؤيده أنه قرىء مشدداً أو لن نُعمِل فيه قدرتَنا وقيل هو تمثيلٌ لحاله بحال من يظن أن لن نقدر عليه أي نعامله معاملةَ من يظن أن لن نقدر عليه في مراغمته قومَه من غير انتظار لأمرنا كما في قوله تعالى يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ أي نعامله معاملةَ من يحسَب ذلك وقيل خطرةٌ شيطانية سبقت إلى وهمه فسُمّيت ظنًّا للمبالغة وقرىء بالياء مخففاً ومثقلا مبنيًّا للفاعلِ ومبنيًّا للمفعولِ ﴿فنادى﴾ الفاءُ فصيحة أي فكان ما كان من المساهمة والتقامِ الحوت فنادى ﴿فِى الظلمات﴾ أي في الظلمة الشديدةِ المتكاثفة أو في ظلمات بطنِ الحوتِ والبحرِ والليل وقيل ابتلع حوتَه حوتٌ أكبرُ منه فحصل في ظلمتي بطني الحوتين وظلمتي البحر والليل ﴿أَن لاَّ إلَه إِلاَّ أَنتَ﴾ أي بأنه لا إله إلا أنت على أنَّ إنْ مخففةٌ من أنَّ وضميرُ الشأنِ محذوف أو أي لا إله إلا أنت على أنها مفسّرة ﴿سبحانك﴾ أنزهك تنزيهاً لائقابك من أن يُعجزك شيءٌ أو أن يكون ابتلائي بهذا بغير سبب