سورة الإنبياء (٩٦ ٩٨) الامتناعِ لعدم رجوعِ الكل حسبما نطق به قوله تعالى كُلٌّ إِلَيْنَا راجعون لأنهم المنكِرون للبعث والرجوعِ دون غيرهم وقيل ممتنعٌ رجوعُهم إلى التوبة على أن لا صلةٌ وقرىء أنهم لا يرجِعون بالكسر على أنه استئنافٌ تعليليٌّ لما قبله فحرامٌ خبرُ مبتدأ محذوف أي حرام عليها ذلك وهو ما ذكر في الآية السابقة من العمل الصالح المشفوعِ بالإيمان والسعي المشكور ثم علل بقوله تعالى أَنَّهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ عمَّا هُم عليهِ من الكفر فكيف لا يمتنع ذلك ويجوز حملُ المفتوحة أيضاً على هذا المعنى بحذف اللامِ عنها أي لأنهم لا يرجعون وحتى في قولِه تعالى
﴿حتى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ﴾ الخ هي التي يُحكى بعدها الكلامُ وهي على الأول غايةٌ لما يدل عليه ما قبلها كأنه قيل يستمرون على ما هم عليه من الهلاك حتى إذا قامت القيامةُ يرجعون إلينا ويقولون يا ويلنا الخ وعلى الثاني غايةٌ للحُرمة أي يستمر امتناعُ رجوعِهم إلى التوبة حتى إذا قامت القيامة يرجعون إليها حين لا تنفعهم التوبةُ وعلى الثالث غايةٌ لعدم الرجوعِ عن الكفر أي لا يرجعون عنه حتى إذا قامت القيامة يرجعون عنه حين لا ينفعهم الرجوع ويأجوجُ ومأجوجُ قبيلتان من الإنس قالوا الناسُ عشرةُ أجزاء تسعةٌ منها يأجوجُ ومأجوج والمرادُ بفتحها فتحُ سدِّها على حذفِ المضافِ وإقامةِ المضافِ إليه مُقامَه وقرىء فتّحت بالتشديد ﴿وَهُمْ﴾ أي يأجوجُ ومأجوجُ وقيل الناس ﴿مّن كُلّ حَدَبٍ﴾ أي نشَز من الأرض وقرىء جدَث وهو القبر ﴿يَنسِلُونَ﴾ أي يسرعون وأصله مقاربةُ الخَطْو مع الإسراع وقرىء بضم السين
﴿واقترب الوعد الحق﴾ عطف على فُتحت والمرادُ به ما بعد النفخة الثانية من البعث والحسابِ والجزاء لا النفخةُ الأولى ﴿فَإِذَا هِىَ شاخصة أبصار الذين كَفَرُواْ﴾ جوابُ الشرط وإذا للمفاجاة تسد مسد الفاه الجزائية كما في قوله تعالى إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ فإذا دخلتها الفاء تظاهرت على وصل الجزاء بالشرط والضميرُ للقصة أو مُبْهمٌ يفسِّره ما بعدَهُ ﴿يا ويلنا﴾ على تقدير قول وقع حالاً من الموصول أي يقولون يا ويلنا تعالَ فهذا وأن حضورِك وقيل هو الجواب للشرط ﴿قَدْ كُنَّا فِى غَفْلَةٍ﴾ تامة ﴿مّنْ هذا﴾ الذي دهمنا من البعث والرجوع إليه تعالى للجزاء ولم نعلم أنه حقٌ ﴿بَلْ كُنَّا ظالمين﴾ إضرابٌ عما قبله من وصف أنفسهم بالغفلة أي لم نكن غافين عنه حيث نبهناعليه بالآيات والنذر بل كنا ظالمين بتلك الآيات والنذُرِ مكذّبين بها أو ظالمين لأنفسنا بتعريضها للعذاب الخالد بالتكذيب وقوله تعالى
﴿إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله حَصَبُ جَهَنَّمَ﴾ خطابٌ لكفار مكةَ وتصريحٌ بمآل أمرهم مع كونه معلوماً مما سبق على وجه الإجمالِ مبالغة في الإنذار وإزاحةِ الاعتذار وما تعبدون عبارةٌ عن أصنامهم لأنها التي يعبدونها كما يُفصح عنه كلمةُ ما وقد رُوِيَ أنَّ رسولَ الله ﷺ حين


الصفحة التالية
Icon