سورة الإنبياء (٦٤ ١٠٦) سبقت لهم الحسنى كافةُ المؤمنين الموصوفين بالإيمان والأعمال الصالحةِ لا مَنْ ذكر من المسيح وعُزيرٍ والملائكة عليهم السلام خاصة كما قيل
﴿يَوْمَ نَطْوِى السماء﴾ بنون العظمة منصوبٌ باذكرْ وقيل ظرفٌ لقولِه تعالى لاَّ يَحْزُنُهُمُ الفزع وقيل بتتلقاهم وقيلَ حالٌ مقدرةٌ من الضمير المحذوفِ في توعدون والطيُّ ضدُّ النشر وقيل المحوِ وقرىء يُطوى بالياء والتاء والبناء للمفعول ﴿كَطَىّ السجل﴾ وهي الصحيفة أي طياً كطيّ الطوُّمار وقرىء السَّجْل كلفظ الدلو وبالكسر والسُّجُلّ على وزن العُتُلّ وهما لغتان واللام في قوله تعالى ﴿لِلْكُتُبِ﴾ متعلقةٌ بمحذوفٍ هو حالٌ من السجلّ أو صفةٌ له على رأي من يجوِّز حذفَ الموصول مع بعض صلتِه أي كطي السجل كائناً للكتب أو الكائن للكتب فإن الكتبَ عبارةٌ عن الصحائف وما كتب فيها فسجلُّها بعضُ أجزائها وبه يتلعق الطيُّ حقيقةً وقرىء للكتاب وهو إما مصدرٌ واللامُ للتعليل أي كما يُطوى الطومارُ للكتابة أو اسم كالإمام فاللامُ كما ذكر أولا قيل السجلُّ اسمُ ملَكٍ يطوي كتبَ أعمالِ بني آدمَ إذا رُفعت إليه وقيل هو كاتبٌ لرسول الله ﷺ ﴿كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ﴾ أي نعيد ما خلقناه مبتدأً إعادةً مثلَ بدئنا إياه في كونها إيجاداً بعد العدم أو جمعاً من الأجزاء المتبدّدة والمقصودُ بيانُ صِحّةِ الإعادةِ بالقياس على المبدأ لشمول الإمكانِ الذاتي المصحّح للمقدورية وتناولِ القدرة لهما على السواء وما كافةٌ أو مصدرية وأولَ مفعولٌ لبدأنا أو لفعل يفسّره نعيده أو موصولةٌ والكافُ متعلقةٌ بمحذوف يفسره نعيده أي نعيد مثل الذي بدأناه وأولَ خلقٍ ظرفٌ لبدأنا أو حال ضمير الموصول المحذوف ﴿وَعْداً﴾ مصدرٌ مؤكد لفعله ومقرّرٌ لنعيده أو منتصف به لأنه عِدَةٌ بالإعادة ﴿عَلَيْنَا﴾ أي علينا إنجازُه ﴿إِنَّا كُنَّا فاعلين﴾ لما ذكر لا محالة
﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِى الزبور﴾ هو كتاب دواد عليه السلام وقيل هو اسمٌ لجنس ما أُنزل على الأنبياءِ عليهم السلامُ ﴿مِن بَعْدِ الذكر﴾ أي التوراةِ وقيل اللوحِ المحفوظ أي وبالله لقد كتبنا في كتاب داودَ بعد ما كتبنا في التوراة أو كتبنا في جميع الكتب المنزلة بعدما كتبنا وأثبتنا في اللوح المحفوظ ﴿أَنَّ الأرض يَرِثُهَا عِبَادِىَ الصالحون﴾ أي عامةُ المؤمنين بعد إجلاءِ الكفار وهذا وعدٌ منه تعالى بإظهار الدينِ وإعزازِ أهلِه وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّ المرادَ أرضُ الجنة كما ينبىء عنه قوله تعالى وَقَالُواْ الحمد لِلَّهِ الذى صدقناه وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الأرض نَتَبَوَّأُ مِنَ الجنة حَيْثُ نَشَاء وقيل الأرضُ المقدسة يرثها أمة محمدٍ صلَّى الله عليهِ وسلم
﴿إِنَّ فِى هذا﴾ أي فيَما ذكرَ في السورةِ الكريمة من الأخبار والمواعظِ البالغة والوعدِ والوعيد والبراهينِ القاطعة الدالة على التوحيد وصحةِ النبوة ﴿لبلاغا﴾ أي كفايةً أو سببَ بلوغٍ إلى البُغية ﴿لّقَوْمٍ عابدين﴾ أي لقوم همهم


الصفحة التالية
Icon