سورة الحج (٨ ٧) ثان ى ن أو حالٌ من ضميرِ السَّاعةِ في الخبرِ ومعنى نفيِ الرَّيبِ عنها أنَّها فى ظهور أمرها ووضوح دلائلِها التَّكوينيَّةِ والتَّنزيليَّةِ بحيثُ ليس فيها مظنةُ أنْ يُرتاب في إتيانِها حسبما مرَّ في مطلعِ سورةِ البقرةِ والجملةُ عطفٌ على المجرورِ بالباء كما قبلها من الجُملتينِ داخلةٌ مثلهما في حيِّزِ السَّببيةِ وكذا قولُه عزَّ وجلَّ ﴿وَإِن الله يبعث مَنْ فى القبور﴾ لكنْ لا من حيثُ أن إتيانَ السَّاعةِ وبعثَ الموتى مؤثِّرانِ فيما ذكر من أفاعليه تعالى تأثيرَ القُدرة فيها بل من حيثُ إنَّ كُلاًّ منهما سببٌ داعٍ له عزَّ وجلَّ بموجبِ رأفتِه بالعبادِ المبنيَّةِ على الحكمِ البالغةِ إلى ما ذُكرَ من خلقِهم ومن إحياءِ الأرضِ الميتة على نمطٍ بديعٍ صالحٍ للاستشهادِ به على مكانِهما ليتأمَّلوا في ذلكَ ويستدلُّوا به على وقوعِهما لا محالة ويصدقوا بمَا ينطق بهما من الوحيِ المُبينِ وينالُوا به السَّعادةَ الأبديَّةَ ولولا ذلكَ لما فعل تعالى ما فعل بل لما خلق العالم رأساً وهذا كما تَرَى من أحكام حقيته تعالى فى أفعاله وابتنائها على الحكم الباهرةِ كما أنَّ ما قبلَهُ من أحكام حقِّيته تعالى في صفاتِه وكونها في غايةِ الكمالِ وقد جُعل إتيانُ السَّاعةِ وبعث مَنْ في القبورِ لكونهما من روادفِ الحكمةِ كناية عن كونِه تعالى حكيماً كأنَّه قيل ذلك بسببِ أنَّه تعالى قادرٌ على إحياءِ المَوْتى وعلى كلِّ مقدورٍ وأنَّه حكيمٌ لا يُخلف ميعادَه وقد وُعد بالسَّاعةِ والبعث فلا بُدَّ أنْ ينفى بما وعد وأنتَ خبيرٌ بأن مآله الاستدلالُ بحكمته تعالى على إتيان السَّاعة والبعثِ وليس الكلامُ في ذلكَ بل إنَّما هُو فى سببيتها لما مرَّ من خلقِ الإنسان وإحياء الارض فنأمل وكن على الحق المبين وقيل قوله تعالى وَإِنَّ الساعة آتية ليس معطُوفاً على المجرورِ بالياء ولا داخلاً في حيِّز السببية بل هو خبرٌ والمبتدأ محذوفٌ لفهم المَعْنى والتَّقديرُ والأمرُ أنَّ السَّاعةَ آتيةٌ وأنَّ الثَّانيةَ معطوفةٌ على الاول وقيل المَعْنى ذلك لتعلمُوا بأن الله هو الحق الآيتين
﴿وَمِنَ الناس مَن يجادل فِى الله﴾ هو أبُو جهلٍ بنُ هشامٍ حسبَما روي عن ابن عباس رضى الله عنهما وقيل هُو من يتصدَّى لإضلالِ النَّاسِ وإغوائِهم كائناً مَنْ كان كما أنَّ الأولَ من يُقلدهم على أنَّ الشَّيطانَ عبارةٌ عن المضلِّ المُغوي على الإطلاقِ ﴿بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ متعلقٌ بمحذوفٍ وقعَ حالاً من ضمير يجادلُ أي كائناً بغيرِ علم والمراد بالعلم العلم الضروري كماأن المرادَ بالهُدى في قوله قوله تعالى ﴿وَلاَ هُدًى﴾ هو الاستدلالُ والنَّظرُ الصَّحيحُ الهادي إلى المعرفةِ ﴿وَلاَ كتاب مُّنِيرٍ﴾ وحي مظهرٍ للحقِّ أي يجادل في شأنِه تعالى من غير تمسُّكٍ بمقدِّمةٍ ضروريةٍ ولا بحجَّةٍ نظريةٍ ولا ببرهانٍ سمعيَ كما في قوله تعالى وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله مَا لَمْ يُنَزّلْ بِهِ سلطانا وماليس لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ وأما ما قيل من أن المراد به المجادلة الأوَّلُ والتَّكريرُ للتَّأكيدِ والتَّمهيدِ لما بعدَهُ من بيانِ أنه لاسند له من استدلالٍ أو وحيٍ فلا يُساعدُه النظمُ الكريمُ كيفَ لا وإنَّ وصفَه باتِّباعِ كلِّ شيطانٍ موصوفٍ بما ذُكر يُغني عن وصفِه بالعراءِ عن الدَّليلِ العقليِّ والسِّمعيِّ
﴿ثَانِىَ عِطْفِهِ﴾ حالٌ أخرى من فاعلِ يُجادل أي عاطفاً لجانبه وطاوياً كَشْحَه مُعرضاً متكبِّراً فإنَّ ثنْيَ العطف كناية عن