الاحزاب ٢٦ ٢٨ غالبا على كل شئ
﴿وَأَنزَلَ الذين ظاهروهم﴾ أي عاونُوا الأحزابَ المردودةَ ﴿مّنْ أَهْلِ الكتاب﴾ وهُم بنُو قريظةَ ﴿مِن صَيَاصِيهِمْ﴾ من حصونهم جميع صِيصِيَة وهي ما يُتحصَّن به ولذلكَ يقالُ لقرنِ الثَّورِ والظَّبيِ وشوكةِ الدِّيكِ ﴿وَقَذَفَ فِى قُلُوبِهِمُ الرعب﴾ الخوفَ الشَّديدَ بحيثُ أسلمُوا أنفسَهم للقتلِ وأهليهم وأولادَهم للأسرِ حسبَما ينطِق به قولُه تعالى ﴿فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً﴾ من غيرِ أن يكون من جهتِهم حَراكٌ فضلاً عن المُخالفةِ والاستعصاءِ رُوي أنَّ جبريلَ عليهِ السلام أتى رسول ﷺ صبيحةَ اللَّيلةِ التي انهزمَ فيها الأحزابُ ورجعَ المُسلمون إلى المدينةِ ووضعُوا السِّلاحَ فقال أتنزعْ لأمَتك والملائكةُ ما وضعُوا السِّلاحَ إنَّ الله يأمرُك أن تسيرَ إلى بني قُريظةَ وأنا عامدٌ إليهم فأذَّن في النَّاسِ أنْ لا يصلُّوا العصرَ إلا ببني قُريظةَ فحاصرُوهم إحدى وعشرينَ أو خَمساً وعشرين ليلةً حتَّى جهدَهم الحصارُ فقال لهم تنزلُون على حُكمي فأبَوا فقالَ عَلى حُكم سُعد بن معاذٍ فرضُوا به فحكم سعد بقتل وسبيِ ذرارِيهم ونسائِهم فكبَّر النبيِّ صلَّى الله عليهِ وسلم وقالَ لقد حكمتَ بحُكم الله من فوقِ سبعةِ أرقعةٍ فقُتلَ منهم ستمائةُ مقاتلٍ وقيل من ثمانمائةُ إلى تسعمائةُ وأُسر سبعمائةٌ وقُرىء تأسُرونَ بضمِّ السِّينِ كما قُرىء الرُّعبُ بضمِّ العينِ ولعلَّ تأخيرَ المفعولِ في الجُملةِ الثَّانيةِ مع أنَّ مساقَ الكلامِ لتفصيلِه وتقسيمِه كما في قولِه تعالى فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ وقوله تعالى فَرِيقاً كَذَّبُواْ وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ لمراعاةِ الفواصلِ
﴿وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وديارهم﴾ أي حصونهم ﴿وأموالهم﴾ ونقودهم وأثاثَهم ومواشيهم رُوي أنَّ رسولَ الله ﷺ جعلَ عقارَهم للمهاجرينَ دونَ الأنصارِ فقالتِ الأنصارُ في ذلك فقال ﷺ إنَّكم في منازلِكم فقال عمرُ رضي الله عنه أَمَا تُخمس كما خمَّستَ يوم بدر فقال ﷺ لا إنَّما جُعلتْ هذه لي طعمةً دونَ النَّاسِ قالُوا رضينَا بما صنعَ الله ورسولُه ﴿وَأَرْضاً لَّمْ تطؤوها﴾ أي أورثَكم في علمِه وتقديرِه أرضاً لم تقبضُوها بعدَ كفارسَ والرُّومِ وقيل كلُّ أرضٍ تُفتح إلى يومِ القيامةِ وقيلَ خيبرُ ﴿وَكَانَ الله على كُلّ شَىْءٍ قَدِيراً﴾ فقد شاهدتُم بعض مقدوراته من إيراثِ الأراضِي التي تسلَّمتموها فقيسُوا عليها ما عَدَاها
﴿يا أيها النبى قُل لازواجك إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الحياة الدنيا﴾ أي السَّعةَ والتَّنعمَ فيها ﴿وزينتها﴾ وزخافها ﴿فَتَعَالَيْنَ﴾ أي أقبلنَ بإرادتِكن واختيارِكن لإحدى الخصلتينِ كما يُقال أقبل يُخاصمني وذهبَ يُكلِّمني وقامَ يُهددني ﴿أُمَتّعْكُنَّ﴾ بالجزمِ جواباً للأمرِ وكذا ﴿وأسرحكن﴾ أي أعطكن المتعة وأطلقكن ﴿سَرَاحاً جَمِيلاً﴾ طلاقاً من غير ضرار وقرئ بالرَّفعِ على الاستئنافِ رُوي أنهن سألنه ﷺ ثيابَ الزِّينةِ وزيادةَ النَّفقةِ فنزلت فبدأ بعائشة


الصفحة التالية
Icon