الاحزاب ٥٠ الأزواجِ كما أشعرَ به قولُه تعالى فما لَكُم وقُرىء تَعْتَدُونها على إبدالِ إحدى الدَّالينِ بالتَّاءِ أو على أنَّه من الاعتداءِ بمعنى تعتدُون فيها والخلوةُ الصَّحيحةُ في حكمِ المسِّ وتخصيصُ المؤمناتِ مع عمومِ الحكم للكتابيات للتنبيه على أنَّ المؤمنَ من شأنِه أنْ يتخَّيرَ لنطفتةِ ولا ينكحُ إلاَّ مؤمنةً وفائدةُ ثمَّ إزاحةُ ما عسى يُتوهَّم أنَّ تراخِيَ الطَّلاقِ ريثما تمكنُ الإصابةُ يؤثر في العِدَّةِ كما يُؤثر في النَّسبِ ﴿فَمَتّعُوهُنَّ﴾ أي إنْ لم يكُن مفروضاً لها في العقدِ فإن الواجبَ للمفروضِ لها نصفُ المفروض دُونَ المُتعةِ فإنها مستحبَّةٌ عندنَا في روايةٍ وفي أُخرى غيرُ مستحبَّةٍ ﴿وَسَرّحُوهُنَّ﴾ أخرجُوهنَّ من منازلِكم إذْ ليسَ لكُم عليهنَّ عَّدةٌ ﴿سَرَاحاً جَمِيلاً﴾ من غيرِ ضرارٍ ولا منعِ حقَ ولا مساغَ لتفسيرِه بالطَّلاقِ السُّنيِّ لأنَّه إنَّما يتسنَّى في المدخُولِ بهنَّ
﴿يا أيها النبى إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أزواجك اللاتي آتيت أُجُورَهُنّ﴾ أي مهورهِنَّ فإنَّها أجورُ الأبضاعِ وإيتاؤها إمَّا إعطاؤُها معجَّلةً أو تسميتُها في العقدِ وأيّاً ما كانَ فتقييدُ الإحلالِ له ﷺ به ليسَ لتوقفِ الحلِّ عليه ضرورةَ أنَّه يصحُّ العقدُ بلا تسميةٍ ويجبُ مهرُ المثلِ أو المتعةُ على تقديرَيْ الدُّخولِ وعدمِه بل لإيثارِ الأفضلِ والأولى له ﷺ كتقييدِ إحلالِ المملوكةِ بكونِها مسْبيةً في قولِه تعالى ﴿وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاء الله عَلَيْكَ﴾ فإنَّ المُشتراةَ لا يتحققُ بدءُ أمرِها وما جَرى عليها وكتقييد القرائبِ بكونهنَّ مهاجراتٍ معه في قولِه تعالى ﴿وَبَنَاتِ عَمّكَ وَبَنَاتِ عماتك وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خالاتك اللاتى هاجرن مَعَكَ﴾ ويحتملُ تقييدَ الحلِّ بذلكَ في حقه ﷺ خاصَّة ويعضدُه قولُ أمِّ هانئ بنتِ أبي طالبٍ خطبني رسول الله ﷺ فاعتذرتُ إليه فعذرَني ثم أنزلَ الله هذه الآيةَ فلم أحِلَّ له لأنِّي لم أُهاجر معه كنتُ من الطُّلقاءِ ﴿وامرأة مُّؤْمِنَةً﴾ بالنَّصبِ عطفاً على مفعولِ أحللنَا إذْ ليسَ معناهُ إنشاءَ الإحلالِ النَّاجزِ بل إعلامَ مطلقِ الاحلالِ المنتظمِ لما سبق ولحق وقرئ بالرَّفعِ على أنَّه مبتدأٌ خبرُه محذوفٌ أي أحللناهَا لكَ أيضاً ﴿إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِىّ﴾ أي مَّلكتْه بُضعَها بأيِّ عبارةٍ كانتْ بلا مهٍر إنْ اتفقَ ذلك كما ينبئ عنه تنكيرُها لكنْ لا مطلقاً بل عندَ إرادتِه ﷺ استنكاحَها كما نطقَ به قوله عز وجل ﴿أن أَرَادَ النبى أَن يَسْتَنكِحَهَا﴾ أي أنْ يتملَّكَ بُضعَها كذلكَ أي بلا مهرٍ فإنَّ ذلكَ جارٍ منه ﷺ مَجرى القبولِ وحيثُ لم يكنُ هذا نصَّاً في كونِ تمليِكها بلفظِ الهبةِ لَم يصلُحْ أنّ يكونَ مَنَاطاً للخلافِ في انعقادِ النكاح بلفظ الهبة إيجابا أو سلباً واختُلف في اتفاقِ هذا العقدِ فعنِ ابن عباس رضي الله عنهما لم يكن عنده ﷺ أحدٌ منهنَّ بالهبةِ وقيل الموهوبات أربعٌ ميمونةُ بنتُ الحرث وزينب بنتُ خُزيمةَ الأنصاريَّة وأمُّ شريكِ بنتُ جابر وخولة بنت حكيم وإيراده ﷺ في الموضعين